286

Darsat fi alsirah

دراسة في السيرة

خپرندوی

دار النفائس

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تجريد كتيبتين من خمسمائة فارس لحراسة المدينة والطواف في أحيائها ورفع معنويات أهاليها. ويحدثنا أبو بكر الصديق ﵁ فيقول: «لقد خفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من خوفنا من قريش وغطفان.. فكان مما رد الله به بني قريظة عما أرادوا أن المدينة كانت تحرس» «١» . وكان الرسول ﷺ يبعث العيون من جهته إلى بني قريظة لكي يجيئوه بأماكن خللهم ونقاط ضعفهم «٢» وقد تمكن عشرة من أشداء اليهود من التسلل يوما إلى أطراف المدينة فتصدى لهم نفر من المسلمين واشتبكوا معهم في قتال بالنبال أسفر عن تراجع اليهود واحتمائهم بحصونهم، وسيطر الرعب عليهم «فلم يقدروا أن يطلعوا من حصنهم وخافوا خوفا شديدا» «٣» .
وصمد المسلمون لمحنة (الأحزاب) وتمكنوا من دحر أخطر هجوم في تاريخ دعوتهم، فتفككت عرى الأحزاب وقفلت عائدة إلى ديارها، وحان الوقت لإنزال العقاب العادل بالجماعة اليهودية التي نقضت العهد في أخطر ساعة عاشها المسلمون. جاء جبريل ﵇ إلى الرسول ﷺ وسأله: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ أجاب الرسول: نعم. فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم. إن الله ﷿ يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم. فأمر الرسول ﷺ مؤذنا يؤذن في الناس (من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة) «٤»، إسراعا بالمسلمين إلى هدفهم واستنهاضا لهم بعد الجهد والعناء الذي أصابهم خلال أيام الحصار الشاقة.
لقد أدرك الرسول ﷺ بثاقب فكره أهمية الوقت في الحصول على نتائج باهرة في القتال، فلو أنه أبطأ في حركته هذه لاستفاد اليهود من الوقت في الاستعانة بحلفائهم، أو إقناع اليهود الآخرين بمعاونتهم، أو التشبث بالحصول على قوات من القبائل لتدعيم قوتهم، ولكان بإمكانهم إكمال قضاياهم الإدارية

(١) الواقدي، ٢/ ٤٦٠.
(٢) المصدر السابق ٢/ ٤٦١- ٤٦٢.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٤٦٢.
(٤) ابن هشام ص ٢٢٣، الطبري: تاريخ ٢/ ٥٨١، ابن سعد ٢/ ١/ ٥٣- ٥٥، الواقدي: ٢/ ٤٩٦- ٤٩٩، البلاذري: أنساب ١/ ٣٤٧- ٣٤٨.

1 / 287