Darsat fi alsirah
دراسة في السيرة
خپرندوی
دار النفائس
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٥ هـ
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
أمر بلالا أن يصعد إلى ظهر الكعبة فيؤذن هناك. وبعد ثلاثة أيام من إقامة المسلمين في مكة وأداء مراسيم العمرة، بعثت قريش إلى الرسول ﷺ من يقول له: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فقفل الرسول ﷺ بأصحابه عائدا إلى المدينة، وصدقت رؤيا الرسول ﷺ وكلمات الله: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا «١» !!
كان لعمرة القضاء- وأحداث الحديبية من قبلها- أثرها الخطير في مكة نفسها، فإن أهلها رأوا من تضامن المسلمين وتعاونهم وتعاطفهم، وحسن نظامهم والتفاهم بينهم، واقتدائهم بنبيهم، ما جعلهم يدركون أن مثل هذه الجماعة لا يمكن الوقوف في وجهها وليس من أمل في التغلب عليها، حتى لقد كانت عمرة القضاء قضاء تاما على روح العناد والمقاومة في قريش، وحتى لقد أدرك عقلاؤها أن من الخير الانضمام إلى محمد، يتمثل ذلك في إسلام خالد بن الوليد وعمرو ابن العاص وعثمان بن طلحة، حارس الكعبة. وبإسلام هؤلاء الثلاثة أسلم عدد كبير من أهل مكة وأصبحت مكة في حكم البلد الذي فتح أبوابه للدعوة الإسلامية، ولم يبق إلا أن تفتح أبوابها وتسلم القياد للمسلمين «٢»، ومن ثم يمكن اعتبار فتح مكة قد تم للمسلمين من يوم عمرة القضاء لأن هذه العمرة أثرت على معنويات قريش أعظم التأثير. إن عمرة القضاء فتحت قلوب قريش، وغزوة الفتح فتحت أبوابها «٣» !!
(١) سورة الفتح، الآية: ٢٧، ابن هشام ص ٢٦٨- ٢٧٠ الطبري ٣/ ٢٣- ٢٥ ابن سعد ٢/ ١/ ٨٧- ٨٩ الواقدي ٢/ ٧٣١- ٧٤١ البلاذري: أنساب ١/ ٣٥٣ المسعودي: التنبيه ٢٢٨ ابن حزم: جوامع ص ٢١٩- ٢٢٠ ابن الأثير: الكامل ٢/ ٢٢٧- ٢٢٨ ابن كثير: البداية ٤/ ٢٢٦- ٢٣٢. (٢) الشريف: مكة والمدينة ص ٤٦٨- ٤٦٩. (٣) شيت خطاب: الرسول القائد ص ٢٣٨.
1 / 199