دراسات في الباقيات الصالحات
دراسات في الباقيات الصالحات
خپرندوی
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
السنة ٣٣-العدد ١١٣
د چاپ کال
١٤٢١هـ/٢٠٠٠م
ژانرونه
فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده"١. اهـ كلامه ﵀.
وبه يتبيّن أنَّ تسبيحَ الله إنَّما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كلِّ سوء وعيبٍ، مع إثبات المحامد وصفات الكمال له سبحانه، على وجهٍ يليقُ به، أمَّا ما يفعله المعطِّلةُ من أهل البدع كالمعتزلة وغيرهم من تعطيل للصفات وعدم إثبات لها وجحدٍ لحقائقها ومعانيها بحجة أنَّهم يسبِّحون الله وينزِّهونه، فهو في الحقيقة ليس من التسبيح في شيء، بل هو إنكارٌ وجحودٌ، وضلالٌ وبهتانٌ، ولذا يقول ابن هشام النحوي في كتابه مغني اللبيب: "ألا ترى أنَّ تسبيحَ المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات"٢.
ويقول ابن رجب ﵀ في معنى قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ ٣ أي: "سبِّحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كلُّ تسبيحٍ بمحمود، كما أنَّ تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات"٤.
وقوله ﵀: "إذ ليس كلُّ تسبيح بمحمود" كلامٌ في غاية الأهميَّة والدقَّة؛ إذ إنَّ تسبيح الله بإنكار صفاته وجحدها وعدم إثباتها أمرٌ لا يُحمد عليه فاعله، بل يُذمُّ غايةَ الذمِّ، ولا يكون بذلك من المسبِّحين بحمد الله، بل يكون من المعطّلين المنكرين الجاحدين، من الذين نزّه الله نفسه عن قولهم ووصفهم بقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ ٥. فسبّح الله نفسه عمّا وصفه به المخالفون للرسل، وسلَّم على المرسلين لسلامة ما قالوه في الله من النقص والعيب.
١ دقائق التفسير لابن تيمية (٥/٥٩) .
٢ مغني اللبيب (١/١٤٠)، مع أنَّه وقع في بعض ذلك، غفر الله له ورحمه.
٣ سورة: الحِجر، الآية: (٩٨) .
٤ تفسير سورة النصر (ص:٧٣) .
٥ سورة: الصافات، الآيات: (١٨٠ - ١٨٢) .
1 / 58