دراسات في الباقيات الصالحات
دراسات في الباقيات الصالحات
خپرندوی
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
السنة ٣٣-العدد ١١٣
د چاپ کال
١٤٢١هـ/٢٠٠٠م
ژانرونه
وروى الترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة ﵁ عن النبيِّ ﷺ أنَّه قال: "مَن جلس في مجلس فكثُر فيه لغَطُه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلاّ غُفر له ما كان في مجلسه ذلك" ١.
فهذه جملةٌ من الأحاديث الواردة في التسبيح والدّالة على عظيم فضله وثوابه عند الله، وفي أكثر هذه الأحاديث قُرن مع التسبيح حمدُ الله - تعالى -؛ وذلك لأنَّ التسبيح هو تنزيه الله عن النقائص والعيوب، والتحميدُ فيه إثباتُ المحامد كلّها لله ﷿، والإثبات أكملُ مِنَ السّلب، ولهذا لم يَرِد التسبيحُ مجرّدًا، لكن ورد مقرونًا بما يدلّ على إثبات الكمال، فتارةً يُقرنُ بالحمد كما في هذه النصوص، وتارةً يُقرنُ باسم من الأسماء الدّالة على العظمة والجلال، كقول: سبحان الله العظيم، وقول: سبحان ربّي الأعلى، ونحو ذلك٢.
والتنزيه لا يكون مدحًا إلاّ إذا تضمّن معنىً ثبوتيًّا، ولهذا عندما نزَّه الله ﵎ نفسه عمّا لا يليق به ممّا وصفه به أعداء الرُّسل سلَّم على المرسلين الذين يثبتون لله صفات كماله ونعوت جلاله على الوجه اللاّئق به، وذلك في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ ٣، وفي هذه الآية - أيضًا - حمد الله نفسه بعد أن نزّهها؛ وذلك لأنَّ الحمدَ فيه إثباتُ كمال الصفات، والتسبيحَ فيه تنزيه الله عن النّقائص والعيوب، فجمع في الآية بين التنزيه عن العيوب بالتسبيح وإثبات
١ سنن الترمذي (رقم:٣٤٣٣)، وصحيح ابن حبان (رقم:٥٩٤)، والمستدرك (١/٥٣٦)، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:٦١٩٢) .
٢ انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (ص:٢٠٤) .
٣ سورة الصافات، الآيات (١٨٠ - ١٨٢) .
1 / 50