ضرب اسکنداریه
ضرب الإسكندرية في ١١ يوليو
ژانرونه
لا ترضوا أن يستبعدكم
والله تعالى أسعدكم
بقتال وهزم ذوي الطغيان
للحرب هلموا يا شجعان
حب الأوطان من الإيمان
ولبثت هذه الأفكار أكثر من أربعين سنة تسري في الأذهان وتتغلغل في الطوايا ويتوارد عليها في كل فترة مدد جديد من أفكار الناشئين في مدارس مصر والعائدين من المدارس الأوروبية والمطلعين على الكتب المؤلفة والمترجمة، وتواتيها بواعث النفوس القلقة والخواطر المتحفزة فتندفع كل يوم إلى غاية لا محيد عنها.
ثم وفد إلى مصر مصلح الشرق العظيم «جمال الدين الأفغاني» (مارس 1871) فوجد العقول مهيأة لقبول دعوته. وأقام فيها سنوات ثمانيا يعلم ويخطب ويستنهض الهمم ويلقى الكبراء والرؤساء، وينصح لهم بتنظيم الحكومة على القواعد الدستورية ويحض تلاميذه على الكتابة والخطابة، ومنهم أمثال: محمد عبده وسعد زغلول واللقاني وعبد الله نديم وأديب إسحاق، فكان كالقائد الذي جاء في حينه لحشد القوى المتفرقة وتوحيد وجهتها وإلهاب الحماسة والنخوة في نفوسها. وقد جمع في محفله الماسوني نحو ثلاثمائة عالم ورئيس، منهم ولي العهد «محمد توفيق» و«أحمد عرابي» القائد المشهور.
قال تلميذه الأكبر الأستاذ الإمام الشيخ «محمد عبده» في وصف هذه النهضة وأثرها في نفوس طلابه: «كانوا ينتقلون بما يكتبونه من تلك المعارف إلى بلادهم أيام البطالة، والزائرون يذهبون بما ينالونه إلى أحيائهم، فاستيقظت مشاعر، وانتبهت عقول، وخف حجاب الغفلة في أطراف متعددة من البلاد خصوصا في القاهرة. كل ذلك والحاكم القوي في علو مكانه أرفع من أن يناله هذا الشعاع في ضعف شأنه. وما زال هذا الشعاع يقوى بالتدريج البطيء، وينتشر في الأنحاء على غير نظام إلى أن نشبت الحرب بين الدولة العثمانية ودولة روسيا (1887) ... وجد الناس من نفسهم لذة في الاطلاع على ما يكون من شأن الدولة العثمانية صاحبة السيادة عليهم مع دولة روسيا. فتطلعوا إلى ما يرد من أخبار الحرب، وكثرة الأجانب في هذه البلاد سهلت ورود الجرائد الأوروبية إلى طلابها من الأوروبيين، ومخالطتهم للعامة والخاصة مهدت الطريق إلى العلم بما فيها. وسرى هذا الشعور إلى بعض الجرائد العربية التي كانت لا تزال إلى هذا العهد مقصورة على ما لا يهم، فانطلقت في إيراد الحوادث. فوجد في الناس الناقم على تلك الجرائد والناصر لها، وحدث بين العامة نوع من الجدال لم يكن معروفا من قبل. ثم استحدثت جرائد كثيرة لمباراة ما سبقها في نشر الأخبار ومناوأتها في المشرب، واندفعت الرغبات إلى الاشتراك فيها إلى حد لا يمكن منعه، وقضى سلطان الوقت على سلطان الإرادة القاهرة.
ولم يكن ما ينشر في الجرائد محصورا في حوادث الحرب بل اجترأ الكثير منها على نشر ما عليه سائر الأمم في سيرتهم السياسية والمعاشية وزادوا على ذلك نشر ما كان قد بدأ في الحكومة المصرية من سوء الأحوال المالية. وأخذ جمال الدين في حمل من يحضر مجلسه من أهل العلم وأرباب الأقلام على التحرير وإنشاء الفصول ... وأخذت الحرية الفكرية تظهر في الجرائد إلى درجة يظن الناظر أنه في عالم خيال ...»
ووقع ما لا بد أن يقع من اصطدام بين هذه الدعوة ورجال الحكم من الأجانب والمصريين وأحاطت الدسائس بجمال الدين من كل جانب، وتقرر نفيه من الديار. ودلت شدة الامتعاض منه على استحالة التفاهم بين دعاة الإصلاح ومن يعارضونهم وينفرون من دعوتهم. وكان الخبر الذي نشرته الوقائع المصرية - 31 أغسطس سنة 1879 - تسويغا لنفيه، يدل دلالة كافية على مبلغ ذلك الامتعاض واستحالة التقارب بين من يفكرون على هذا النحو ومن يؤمنون بآراء جمال الدين، وهذا بعض ما جاء في ذلك الخبر السخيف:
ناپیژندل شوی مخ