درجات ست
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
ژانرونه
بشر الشمول العام لنموذج باراباسي وألبرت بأسلوب جديد لفهم بنية الشبكات باعتبارها نظما متطورة ديناميكيا. لا يهم هل الشبكات مكونة من بشر أم محولات إنترنت، أم صفحات ويب، أم جينات، ما دام النظام يتبع المبدأين الأساسيين للنمو والاتصال التفضيلي، فستكون الشبكة الناتجة عديمة المعيار. لكن حسبما أشار سايمون نفسه، فإن النماذج الأنيقة والجذابة من فرط بديهيتها قد تكون مضللة، ففي بعض الأحيان، تحدث التفاصيل فارقا بالفعل. (3) تحقيق الثراء يمكن أن يكون عسيرا
أحد التفاصيل المزعجة للغاية بشأن الشبكات عديمة المعيار هي أن توزيعات قانون القوة لا تكون عديمة المعيار بالفعل إلا عندما تكون الشبكة كبيرة بشكل مطلق، في حين أنه من الناحية العملية تتسم كل الشبكات التي نصادفها بمحدوديتها. تؤدي تأثيرات الحجم المحدود إلى مشكلات لكل تقنية إحصائية تقريبا، لكنها مزعجة على نحو خاص لقوانين القوة؛ لأن الحجم المحدود للأنظمة يفرض قطعا على التوزيع طوال الوقت. بعبارة أكثر تحديدا ، لا يمكن لأي نقطة تلاق في أي شبكة حقيقية أن تتصل بأكثر من باقي مجموعة الأفراد الكاملة، ومن ثم حتى إن كان توزيع الاحتمالية عديم المعيار بطبيعته، فلا بد للتوزيع المرصود أن ينعكس قطعا في مكان ما، ويكون عادة أقل بكثير من حجم النظام. وبناء عليه، فإن توزيعات الدرجات الفعلية التي صمم نموذج الشبكات عديمة المعيار لتفسيرها أوضحت فعليا منطقتين، كما هو موضح في الشكل
4-5 ، وهما: منطقة عديمة المعيار تظهر كخط مستقيم على رسم اللوغاريتم-اللوغاريتم البياني، وقطع محدود.
شكل 4-5: عمليا، تتضمن توزيعات قانون القوة دائما قطعا مميزا بسبب الحجم المحدود للنظام؛ لذلك فإن التوزيع المرصود للدرجات يظهر دائما على صورة خط مستقيم على رسم اللوغاريتم-اللوغاريتم البياني، على نطاق معين.
ينشأ الارتباك لدى الملاحظ عند تحديده هل أحد القطوع المرصودة قد حدث نتيجة لحجم النظام المحدود أم أنه ناتج بالفعل عن خاصية أكثر جوهرية للنظام. على سبيل المثال، لا يتقيد عدد الأصدقاء بحجم السكان في العالم، فهو حجم كبير بما فيه الكفاية ليكون لدى معظم الناس عدد أصدقاء يزيد مئات، بل آلاف المرات، عما لديهم بالفعل؛ فالقيد الحقيقي يتعلق بالناس أنفسهم، الذين لا يملكون ما يكفي من الوقت والجهد والرغبة لإقامة صداقات مع هذا العدد الكبير من الآخرين قبل أن ينهكهم الجهد الشاق اللازم لفعل ذلك، فحتى إذا كان تأثير متى ينطبق على شبكات مثل الشبكة العنكبوتية العالمية، فليس من الواضح إذا كان ينبغي أن يعمل على النحو نفسه في كل الشبكات، أو معظمها، والأسوأ أن القطع يكون في بعض الأحيان حادا للغاية حتى إن التوزيع الموضح في الشكل
4-5
يصبح من الصعب تمييزه عن التوزيعات المشابهة الموجودة في الشكل
4-4 ، التي ليست بتوزيعات عديمة المعيار إطلاقا.
ظهرت بعض الأدلة فيما بعد على أن الشبكات عديمة المعيار قد لا تكون منتشرة كما بدت في البداية، وكان ذلك بعد بحث باراباسي وألبرت الأصلي بنحو عام. نشر عالم فيزياء شاب يدعى لويس أمارال مع عدد من زملائه، من بينهم هاري يوجين ستانلي - أحد العظماء في مجال الفيزياء الإحصائية (والمستشار السابق لباراباسي) - بحثا في دورية «بروسيدينجز أوف ذي ناشيونال أكاديمي أوف ساينس» (أو: «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم»)، وتناولوا في هذا البحث دراسة توزيعات الدرجات لعدد من الشبكات الحقيقية، وأوضحوا أنه مع أن بعضها يشبه توزيعات قانون القوة (وإن كان ذلك مع قطوع محدودة)، فمن الواضح أن البعض الآخر لا يشبهها. كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو الشبكة الاجتماعية لمجتمع المورمون في ولاية يوتا، التي بدت كتوزيع طبيعي قديم عادي ولم تظهر أي ملامح غريبة. جاء أحد الأدلة الأخرى على الشبكات التي لا تنطبق عليها صفة عديمة المعيار مما يبدو الآن ماضيا بعيدا؛ إذ ظهر في أحد أبحاث أناتول رابوبورت، الذي يتناول فيه بالدراسة شبكة الصداقات في مدرسة ميشيجان الثانوية. لم يكن رابوبورت، شأنه في ذلك شأني أنا وستيف، مهتما على الإطلاق بتوزيع الدرجات، لكنه على الأقل خصص الوقت لإيضاح توزيعه على الرسم البياني، ومع أنه لم يشبه توزيع بواسون المألوف للرسم البياني العشوائي، فلم يكن أيضا عديم المعيار.
يجب ألا نندهش من فكرة أن العالم أكثر تعقيدا من النموذج البسيط الذي وضعه باراباسي وألبرت، ولا يجب أن ينتقص ذلك من قيمة إنجازهما. إن طرح فكرة الشبكات عديمة المعيار يعد إحدى الأفكار المحورية في علم الشبكات الحديث، وقد دفع إلى ظهور الكثير من الأبحاث الفعلية، خاصة في مجال الفيزياء، لقد منح دخول الفيزيائيين إلى علم الشبكات هذا المجال القوة الرياضية والحسابية التي افتقر إليها زمنا طويلا، الأمر الذي جعل الأعوام القليلة الماضية وقتا شديد الإثارة وزاخرا بالإبداعات لنا، لكن صار من الواضح على الفور تقريبا أن القوة وحدها لم تكن كافية، ومثلما غفلت نماذجنا الأصلية للعالم الصغير عن عدد من سمات العالم الحقيقي، حدث ذلك أيضا مع المبادئ البسيطة لنمو الشبكات والارتباط التفضيلي.
ناپیژندل شوی مخ