أرادوا إصلاح قوله فجعلوا العلة أو لي لغيرها، كما جعلها الفارابي وغيره، ثم جعلها بعض الناس آمرة للفلك بالحركة، لكن يتحرك للتشبه بها كما يتحرك العاشق للمعشوق وإن كان لا شعور له ولا قصد، وجعلوه مدبرًا بهذا الاعتبار - كما فعل ابن رشد وابن سينا - جعلوه موجبًا بالذات لما سواه، وجعلوا ما سواه ممكنًا.
الخامس
الوجه الخامس: أن يقال: غاية ما يدل عليه السمع - إن دل - علي أن الله ليس بجسم، وهذا النفي يسلمه كثير ممن يثبت الصفات أو أكثرهم، وينفيه بعضهم ويتوقف فيه بعضهم، ويفصل القول فيه بعضهم.
ونحن نتكلم علي تقدير تسليم النفي، فنقول: ليس في هذا النفي ما يدل علي صحة مذهب أحد من نفاة الصفات أو الأسماء، بل ولا يدل ذلك علي تنزيهه سبحانه عن شيء من النقائص، فإن من نفي شيئًا من الصفات لكون إثباته تجسيمًا وتشبيهًا يقول له المثبت: قولي فيما أثبته من الصفات والأسماء كقولك فيما أثبته من ذلك، فإن تنازعا في الصفات الخبرية، أو العلو أو الرؤية أو نحو ذلك، وقال له النافي: هذا يستلزم التجسيم والتشبيه، لأنه لا يعقل ما هو كذلك