الدواعي إِلى ما يريد، والصوارفِ عمنّا لا يريد. قال ابن عبّاسٍ: "يحول بين الكافر واطعته، والمؤمن ومعصيته". وقال مجاهدٌ: "يحول بينه وبين قلبِه حتى لا يَعقِل، ولا يَدرى ما يَفعل". وقيل: "يحول بين المؤمن واعتقاد الكفرِ، وبين الكافر وبين الإِيمان".
ومِن بَراءة: ﴿زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدى القوم الكافرين﴾. وقد سبق مثلُهما، والاستدلال به.
ومنها قوله تعالى: ﴿ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين﴾. "ثَبطهُم": "حَلَّ عزائمَهم عن الجهاد، وزَيَّن لهم التَخلُّفَ". وقيل: "أي بلسان القدرةِ الكونّية". فهذا قاطعٌ في أنّ التكليف والتكوين لا يَتناقضان من الله سبحانه؛ لأنّه قال لهم بلسان التكليف: "جاهِدوا، وانهضوا مع رسول الله في سبيل الله"؛ وقال لهم بلسان التكوين والقدر: " ﴿اقعدوا مع القاعدين﴾. فكذلك يجوز أن يقول للعبد: "لا تَزنِ"، ثمّ يخلق في الزنا؛ أو: "صَلِّ"، ثمّ يثبطَه عن الصلاة.
ومنها قوله تعالى: ﴿فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه﴾. أي جَعَل اللهُ النفاقَ في قلوبهم. وذلك إِضلالٌ لهم، أو زيادة إِضلالٍ.
ومنها قوله تعالى: ﴿رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع﴾. وفي التي بعدها بآياتٍ: ﴿وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون﴾. ﴿ولا يفقهون﴾. وقد سبق معنى "الطبع".