د ضمیر: ډیره لنډه مقدمه
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
بعض وجهات النظر المسيحية المستمرة
للضمير أبعاد روحية وأخلاقية، وقد استمر بوصفه مبدأ علمانيا أخلاقيا بلا دعم من الاعتقاد الديني، لكن النظريات الروحية عن الضمير تظل قوة فاعلة في العالم اليوم، فالدين غالبا حاضر ضمنيا حتى في العديد من نظم الاعتقاد التي تبدو علمانية. وتواجه المفاهيم الروحية للضمير اليوم مشكلة مألوفة تتعلق بالتعريف، وهي الموازنة بين مطالبات الوحي الشخصي الداخلي والسلطة العامة المؤسسية.
في كتابه الذي يحمل عنوان «النزعة الشكلية في الأخلاق» (1913-1916)، يبحث ماكس شيلر عن نقطة وسط بين الضمير الشخصي إلى حد كبير من ناحية ومذهب الخلاص من ناحية أخرى. وهو يجادل بحدة أن الضمير بالفعل لديه موجز صحيح لما «يصلح لك، ولك وحدك»، لكن مطالب الضمير الفردي يجب أيضا أن تقدم في إطار التزام أكثر شمولا بالبصيرة الأخلاقية:
فقط التعاون بين الضمير ومبادئ السلطة ومضمون التعاليم بالتصحيح المتبادل ... لمصادر شخصية للمعرفة يضمن [تلك البصيرة].
وتتمثل وجهة نظره في أن الضمير المنعزل أو الادعاء بوجود ضمير مستنير على نحو مميز يفضي إلى الفوضى الأخلاقية ما لم تمنح السلطة والتعاليم دورا ملطفا.
كان شيلر عالم لاهوت كاثوليكي، ومعروفا بذلك، إلا أن آراءه لم تكن تحظى بتأييد واسع في الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة. وثمة منهج كاثوليكي سلطوي أكثر تشددا يتضح في كتابات الكاردينال راتسينجر، الذي أصبح يعرف باسم البابا بينديكت السادس عشر، والذي يستكشف التنويعات المحتملة للنسبية الأخلاقية ويهاجم السلطة المؤسسية بشدة ليس بوصفها أحد عناصر النظرة المتوازنة فحسب، بل أيضا بوصفها أمرا متعلقا بالقرار النهائي. وفي كتابه الذي يحمل عنوان «الضمير والحقيقة» (1991) يقلص راتسينجر من دور الضمير في نواح عديدة، وهو يحاول أن يبرهن بعقلانية على أن الضمير الشخصي المجرد قد يخطئ، لكنه يعود فيقترح على نحو أقل إقناعا أن الشعور بالذنب الذي بني على الضمير صورة خادعة وغير ضرورية من صور الإدراك بحاجة إلى التعامل معها خارج نطاق الاختيار الأخلاقي الشخصي. وفي رأيه، يملك الناس كافة حبا غريزيا للحقيقة والخير، لكنهم أحيانا ينسون تلك الميزة، ولا يمكن أن نتوقع من البشر أن يستعيدوها بلا مساعدة. ويتمثل دور السلطة الكاثوليكية في مساعدة الإنسان الضال كثير النسيان على إعادة اكتشاف هذه الميزة الخفية. وباختصار فإن الضمير بحاجة للسلطة كي يصغي لنفسه أو يميز أهدافه الصحيحة. وبهذا المعنى فإن الضمير ظاهرة ثانوية، والشعور بالذنب من جراء الآثام التي يقترفها المرء عاطفة خيالية ثانوية. ويتمثل دور السلطة الكنسية في إعادة تعريف الضمير بالحقيقة السابقة، حتى وإن كان الشعور بالذنب يمكن استئصاله بمزيد من الدقة عن طريق كفارة المسيح.
وعودة إلى ثالوث شيلر المكون من الضمير والسلطة والتعاليم، أعتقد أن راتسينجر يبالغ في تقدير السلطة ويقلل من شأن الضمير؛ مما يقلل من وصاية المسئولية الفردية في الاختيار الأخلاقي. (وفي مصادفة غريبة، فهو يطابق هنا جزئيا حجة كالفن السابقة القائلة إن الضمير الذي لا يتلقى مساعدة، وآلام الشعور بالذنب الناتج عن الضمير، غير قادرين على أداء مهامهما ما لم يخلصهما العفو الإلهي.) ويمكن الدفع بالحجة المضادة القائلة إن عمل الضمير المسيحي السليم بالتزامن مع بعض الشعور الشخصي بالذنب شرط كي يعمل بفاعلية. وفي أحد المقالات في كتاب «الأخلاقيات وما وراءها»، يظل عالم اللاهوت البروتستانتي الليبرالي بول تيليك مخلصا للتعاليم الإصلاحية المبكرة عن طريق محاولة إثبات أن الشعور الشخصي بالذنب هو في حقيقة الأمر الحالة المفترضة للضمير. وهو يحاول أن يبرهن (بأسلوب مستوحى من نيتشه لكن مع التوصل لاستنتاج مختلف) أن «الضمير المضطرب المنتقد الذي يوجه أصابع الاتهام هو الظاهرة الأصلية، وأن الضمير السليم ما هو إلا غياب للضمير الفاسد ...»، وهو يؤكد أيضا أن «الذات-الأنا والضمير ينموان بالاعتماد أحدهما على الآخر، وأن ... الذات تكتشف نفسها في تجربة الانفصام بين ما هي عليه وما يجب أن تكون عليه»، وأن الذنب هو العرض الرئيس لهذا الانفصام. لكن تيليك يعد مفكرا متفائلا، فبدلا من أن يستسلم لمخاوفه الخاصة فإن ضميره المذنب يخضع للعمل البناء بوصفه حافزا إيجابيا للإصلاح الذاتي.
لا وجود لبابا بروتستانتي كي أستشهد به في تلك الموضوعات، لكن سيطرة كل من عالمي اللاهوت الليبراليين بول تيليك وراينهولد نيبور في منتصف القرن العشرين تقترب بأقصى درجة ممكنة من اللحظة التي يمكننا فيها أن نلمح إجماع البروتستانتيين المتعلمين حول الذات واستخدامات الضمير. وبعد مراجعة «منهج» شيلر في اتجاه «الإجماع الاجتماعي المستنير»، يعرض هذان العالمان الشخصية الاجتماعية للوجود والمطالبة الشرعية بالرفاهية الاجتماعية العامة للحد من الإفراط الفردي في القيم الإيجابية التي قد ينجذب نحوها الضمير المضطرب. ويصر تيليك على أن الموضوعات المتعلقة بالضمير «نوع من الحكم الذاتي والإرشاد الذاتي الذي لا يمكنه أن يهدأ حتى يشير إلى وجود آخر جامع ومجتمع جامع»، وهو يصر أيضا على أن وجود الله يمكن إدراكه وتمييزه - ولو على نحو ضعيف - في الطموح الجامع.
ويحتمل أن يعتبر الإنجيليون المعاصرون تلك المواقف المجتمعية مطاطة ونسبية، وهم يرتابون في حركة الإنجيل الاجتماعي المجتمعية والإيمان بالنية الحسنة المجتمعية الخاصة بالبروتستانتية الليبرالية. وفي حقيقة الأمر فإن نيبور نفسه كان لديه قلق مماثل عبر عنه في صورة اهتمام الإنسان العصري بالإرضاء المستمر «لضميره السليم». وفي كتابه الذي يحمل عنوان «طبيعة الإنسان ومصيره» (1941)، يتأمل نيبور نفسه ملاحظا «عالمية الضمير المطمئن لدى المعاصرين» ويتعجب من أن:
التاريخ المعاصر مليء بمظاهر نوبات الهستيريا والغضب لدى الإنسان وبأدلة على قدرته وميله الشيطانيين لكسر إيقاع الطبيعة المتناغم وتحدي المبادئ الحكيمة لضبط النفس العقلاني، لكن لا يبدو أن ثمة ذروة للدليل العكسي تغير من رأي الإنسان المعاصر الإيجابي في نفسه.
ناپیژندل شوی مخ