دم او عدالت
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
ژانرونه
من حين لآخر، تحدث حالات نقل دم بين فصائل متباينة في البيئات الطبية الحديثة، لكن ذلك لا يحدث إلا في حالات الأخطاء المطبعية فيعطى الشخص دما من فصيلة غير مناسبة.
المؤشرات السريرية
تعد الحمى أكثر أعراض عدم التوافق في نقل الدم شيوعا؛ إذ يستجيب الجسم للمواد الكيميائية التي تصب في مجرى الدم. ويمكن للوضع أن يسوء إذا كان الدم المنقول يحمل عدوى بكتيرية أو كانت الأدوات المستخدمة غير معقمة، ومن ثم تنقل البكتيريا إلى المتلقي. ربما كان دوني ومعاصروه ينظفون الأنابيب التي يستخدمونها، لكن بما أنهم لم يكتشفوا وجود البكتيريا لم يكن هناك أي أمل في أن تكون الإبر التي تدخل في العروق معقمة. ومن ثم زاد احتمال أن تدخل الميكروبات المسببة للأمراض مع الدم إلى الدورة الدموية.
كما يمكن للمرضى أن يشعروا بألم في الصدر حيث يعاني القلب من ارتفاع نسب البوتاسيوم في الدم. وفي تجربة دوني، ربما كانت السكتة القلبية الناتجة أحد أسباب شكوى الفتى من الألم في ذراعه مع دخول الدم الجديد، رغم أن نسبة كبيرة من الألم الحاد كانت تعود على الأرجح إلى الحساسية المفرطة في استجابة الجسم في ظل اختلاط الدم الأصلي والدم الجديد داخل الوريد.
ومع الصعوبة التي تواجه عمل القلب، ينخفض ضغط الدم لدى المريض ويظهر لديه الشعور بالغثيان ويتقيأ. ويمكن لضغط الدم المنخفض في ظل وجود ملايين التجمعات الصغيرة لخلايا الدم الحمراء أن يشل الكليتين بسهولة ما يزيد المشكلات تعقيدا. فمع توقف الكليتين يصعب على الجسم تنظيف الدم، وإن لم تحل المشكلة يصبح المريض عرضة للوفاة نتيجة التسمم الداخلي.
وتؤدي الوسائط أو الرسل الكيميائية التي تطلق في الدم إلى ارتخاء الشرايين الدقيقة، ويسمح هذا بتسرب السوائل منها إلى النسيج المحيط بها. ويؤدي هذا الأثر المركب إلى انخفاض ضغط الدم على نحو أكبر. وفي محاولة لاستعادة ضغط الدم الطبيعي، يتم إفراز هرمونات أخرى تسبب غلق بعض الأوعية الدموية. ويتأثر أحد تجمعات الأوعية الدموية على وجه التحديد وهو ذلك الموجود في الكلى. ونتيجة انخفاض ضغط الدم يصعب على الكلى تنقية الدم من الشوائب. وفوق كل ذلك، تتعطل آلية التنقية في الكلى بسبب الانسداد الناتج عن الجلطات الصغيرة التي تسبح في الدم، وتبدأ الأوعية التي تمد الكلى بالدم في الانغلاق. وإذا استمر هذا الوضع، تعجز الكلى عن أداء وظيفتها وتموت خلاياها مع استنفادها الأكسجين الضروري للحياة.
لكن في حالة مريض دوني، يبدو أن الكليتين تمكنتا من الاستمرار في عملهما. إلا أنه في حالات مرضى لاحقين، سجل دوني أن أجسامهم أخرجت كميات وافرة من البول الأسود؛ ويرجع اللون الأسود إلى احتوائه على نواتج تكسير خلايا الدم الحمراء. كما شكا المرضى من ألم شديد في الظهر، وهو عرض ربما يرتبط بالفوضى الدائرة في الكليتين.
كما ظهرت على مريض دوني أعراض واضحة لإصابته بالتخثر المنتثر داخل الأوعية الدموية. وبدلا من أن يثير ذلك مشاعر القلق لدى دوني، عرف دوني في أثناء تعلمه الطب أن النزيف كان جزءا لا يتجزأ من العلاج الطبيعي لذا اعتبر ذلك علامة صحية؛ فعلى كل حال كان ينظر للحيض على أنه الوسيلة التي يستعيد بها جسم المرأة توازنه الداخلي بصورة طبيعية شهريا. فكانت تلك الاستجابة لنقل الدم علامة في رأي دوني على أن الجسم يحل مشكلاته بنفسه. وبدلا من القلق من نزيف الأنف عندما حدث في المرضى اللاحقين، قرر دوني أن يشجع تلك العملية بقطع أحد الأوردة والتخلص من مزيد من الدم.
المضي قدما
على حد علم دوني، كانت عمليات نقل الدم التي أجراها ناجحة؛ لكن ماذا كانت الخطوة التالية؟ لقد كان هناك الكثير من المرضى في باريس، إلا أن إجراء التجارب على المرضى كان محفوفا بالمشكلات. فإذا توفي المريض بعد نقل الدم إليه، فكيف سيمكن تحديد ما إذا كانت الوفاة ناتجة عن مرضه أم أنها بسبب حقن الدم؟ لذا ولدراسة العملية على نحو أشمل، كان عليه أن يجربها على شخص سليم . ويحفل تاريخ علم الطب بأمثلة لعلماء جربوا الوسائل الجديدة على أنفسهم، لكن في هذه الحالة، قرر دوني أن يبحث عن متطوع، مما أسفر عن إجراء ثاني عملية نقل دم للبشر في العالم.
ناپیژندل شوی مخ