دم او عدالت
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
ژانرونه
قاطع بيرو قائلا: «لكن مثال الأشجار لا يجدي؛ فمن الممكن أن السوائل في النباتات المطعمة تمتزج جيدا، لكن هناك فارقا كبيرا بين النباتات والحيوانات؛ فليس ثمة مبرر لافتراض اشتراك النباتات والحيوانات في هذه الصفة إلا إذا افترضنا أن الخيول لها نفس ذكاء البشر. وهناك قاعدة واضحة تقول إن الطبيعة تولي رعاية أكبر للحيوانات مقارنة بالنباتات؛ فالتغذية في النباتات - على سبيل المثال - أقل إتقانا من الحيوانات؛ إذ تعمل الجذور في النبات عمل الفم والمعدة، وربما القلب كذلك. لكنها تستبدل بسهولة، فإن قطعت فرعا وغرسته في الأرض فستنمو له جذور جديدة. لكن هذا لا يمكن عمله في الحيوان؛ فعملية التغذية في الحيوانات متقنة جدا بحيث إن تلف شيء يكون إصلاحه أصعب كثيرا. وقياسا على ذلك، يمكنك أن تبني كوخا باستخدام أحجار متناثرة أو بحجارة من مبنى آخر متهدم، لكن إن أردت أن تبني قصرا فستحتاج لأحجار مقطعة بعناية لكل منها دور محدد. وبالمثل، لا يمكن للحيوان أن يتغذى إلا عن طريق الدم المخلوق خاصة لتغذية هذا النوع البيولوجي، أو الأرجح أن الحيوان لا يمكن أن يتغذى إلا من خلال دمه الذي كونه جسمه. فنقل الدم سيكون مثل إعطاء مهندس معماري أحجارا قطعت لبناء جدار مائل بينما قد طلب أحجارا لبناء جدار قائم دون اعوجاج.»
تابع بيرو قائلا: «إذن هذه هي الصورة البديعة التي يحيا بها الحيوان. فأعضاء الجسم المختلفة تعمل معا بكل الصور داخل كل فرد لتحقق فائدتها العامة وتتضافر لتكون شخصية كل فرد؛ فليس من الممكن أن يلبي عضو تكون في فرد ما احتياجات شخص آخر؛ فالقلب يمكن أن يطبع روحه على الكيلوس ويجعله نافعا لجسمه، لكنني لا أزال مقتنعا؛ لن يكون الدم الذي أعده القلب ذا فائدة كبيرة لجسم حيوان آخر.»
16
تدخل دوني في الحديث قائلا: «أتفق تماما.» أراد أن يبقي بيرو في صفه قدر الإمكان: «يتعين للدم أن يكون متوائما مع الفرد خاصة، وسيكون نقل الدم خطرا إن وضع دم غريب في عروق هذا الفرد، وعجز عن تحويله ليناسب احتياجاته الفردية. من المرجح أن يستغرق هذا التحول بعض الوقت، وأسلم بأنه لا تتوافر الشجاعة الكافية لدى أحد ليستبدل دم شخص ما بالكامل في عملية واحدة، بل ينبغي لنا أن نجري عمليات نقل دم جزئية، وعندها لن نجريها إلا إذا كان جسم الشخص قويا بدرجة كافية. فنقل الدم الجزئي يتيح لروح المتلقي ودمه أن يتغلبا على الدم المنقول ويحولانه إلى طبيعتيهما من خلال الغليان الخفيف.»
تابع دوني: «من المعلوم أنه إذا زاد التوافق بين المتبرع والمتلقي قل المجهود الذي يبذله الدم ليصبح متوافقا مع المتلقي. رغم أني واثق بأننا سنكتشف مادة يمكن نقلها دون الحاجة لتحويلها. وسيكون هذا الدم الصناعي إعجازا بحق.»
لكن وبينما اكتشف الناس بعد عدة قرون كيفية نقل الدم بأمان وإعطاء سوائل صناعية ترفع من مستوى الدم، فإن تعقيد الدم يعني أن الإحلال الكامل له هدف بعيد المنال إلى يومنا هذا.
دماء مختلفة
قال دوني: «مع احترامي، سيد بيرو، لا أظن أن مخاوفك تضيف كثيرا، لكن اسمح لي بأن أطرح عليك أحد أقوى الأسباب التي سمعتها للتشكيك في نقل الدم. يقول بعضهم إن خصائص الدم تتباين لدى الحيوانات المختلفة لدرجة أن الدم يكون ساما إذا نقل إلى حيوان آخر. وأنا أقر باحتمال وجود خصائص مختلفة للدم، لكن إن وصل بنا الأمر أن نعتبر الدم ساما، فإن هذه مبالغة بكل تأكيد. فإن تبنينا هذه الفكرة فسندين اللحم كذلك. فالدم على كل حال هو جوهر أو خلاصة هذا اللحم، وإذا كان مصدر اللحم حيوانا مختلفا، فمن المفترض أن ينتج دما لا يناسب الشخص الذي يأكله. وفي المقابل، نعلم أنه يمكننا استخدام اللحوم المبردة وأدوية معينة لمنع الدم من الغليان في العروق، أو استخدام الطعام الساخن وعلم الطب لنزكي شعلة الحيوية لدى كبار السن أو المرضى. إن اللحوم ليست سموما بل هي مفيدة لك؛ لذا فإذا كان خلط اللحوم صحيا فمن المنطقي افتراض أن خلط الدماء مفيد للصحة حتما. فلم لا يؤدي نقل الدم الساخن إلى تقوية شخص قد برد دمه؟
إنني لا أشك في أن ثمة اختلافات شديدة بين الدماء التي ترجع لحيوانات مختلفة وأنها لن تختلط بسهولة؛ إلا إذا خضعت للتخمر.»
صاح لوور: «التخمر؟ الدكتور ويليس، أظن أن هذا اختصاصك؛ هل ترى أن التخمر يوفق بين الدماء المختلفة؟»
ناپیژندل شوی مخ