دم او عدالت
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
ژانرونه
إن أراد دوني تأكيدا على نجاح نقل الدم، فهو لم يكن بحاجة لأكثر من ذلك. فقد أعلن القس - وهو رجل الكنيسة الموقر وممثل الرب - أن المجنون قد شفي الآن؛ وكان هذا شاهد عيان مستقلا من أثقل عيار وأكبر ثقة للعامة.
كان ذلك هو الوقت الذي وصلت فيه بيرين موروا إلى المنزل. لم يفكر أحد في أن يخبرها بمكان زوجها، وكانت قد قضت الأيام السابقة تبحث عنه بلا جدوى. من المثير للاهتمام التكهن بما إذا كان هذا سهوا من جانب دوني فعلا أم كتمانا متعمدا؛ فلقد كان آخر ما أراده هو أن يظهر أحد الأقارب المتطفلين ويطلب اصطحاب قريبهم المحبوب إلى بيته؛ فذلك كان سيفسد التجربة.
فرح أنطوان بالتئام شمله مع زوجته، وبدأ فورا يحكي ما حدث طوال الأسبوع السابق، منذ أن كان يجري عاريا في شوارع باريس إلى أن وصل إلى الموقف الحالي حيث تلقى القربان المقدس من قس. كانت بيرين سعيدة بالقدر نفسه، وأخبرت الأطباء الذين كانوا يترددون عليهم كيف تحول من «مخبول تماما» إلى هذا الرجل الهادئ أمامهم.
شعر دوني وإميري بالزهو. لكن لم تكن لديهما أدنى فكرة عما إذا كان هذا هو السكون الذي يسبق العاصفة.
مقارنات حالية
لا يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تبدأ الألسنة في الثرثرة. فسرعان ما بدا أن كل رجل وامرأة وطفل في باريس يبدون آراءهم في هذا العلاج المذهل؛ إذ أصر بعضهم على أنها معجزة، بينما رأى البعض الآخر أن هذه التجربة اتسمت بكل سمات الشيطان نفسه متجسدة في صورة ملاك من نور. لقد أثارت التجربة بالتأكيد موضوعا جديدا في محادثات عيد الميلاد.
وبينما تحدث الناس عن موروا واتزانه من جديد، فقد أخذوا يطرحون الأسئلة، وهو ما كشف عدة مفاجآت؛ إذ لم تكن هذه أول عملية نقل دم يجريها دوني؛ بل كانت الأولى التي تحظى بهذا المستوى من الاهتمام والمتابعة من العامة. لقد بدا أن العلماء كانوا يعملون وراء الستار ويدبرون مؤامرة سرية، والآن يفرضون ما توصلوا إليه على المجتمع؛ ذلك المجتمع الذي شعر بأنه لم يحظ بفرصة لمناقشة القضايا أو يبدي رأيه فيما إذا كان يدعم هذا التطور الجديد.
في المقابل كان الموجودون في قلب الوسط العلمي يعرفون أن «الفضوليين» كانوا مشتغلين بالفكرة لعدة سنوات على أقل تقدير؛ إذ ناقشوا أفكارهم في اجتماعات، ووصل الأمر إلى نشر بعض الفضوليين لعدد من مناهجهم والنتائج التي توصلوا إليها في الدوريات المعروفة التي ظهرت حديثا. وكانوا سينفون أي محاولة عمدية لإخفائها عن العامة، فحتى ذلك الوقت لم يكن هناك اهتمام كبير بهذا المجال ومن ثم لم تتحول إلى قضية عامة من قبل .
وقد وقع موقف مشابه في القرن العشرين مع مولد العنزة دوللي المستنسخة في يوليو 1996. فإن سألت معظم الناس فسيخبرونك بأن دوللي هي أول كائن مستنسخ في العالم. وهي لم تكن كذلك، بل أبعد ما تكون عن ذلك؛ إذ كان الاستنساخ يجري طوال عقود في المعامل في مختلف أنحاء العالم. فأول حيوان مستنسخ - وهو ضفدع نمري شمالي - كان يتقافز في أرجاء المعمل الذي شهد مولده في فيلادلفيا في عام 1952. وفي عام 1977، زعم عالم ألماني أنه استنسخ فأرا، رغم أن هذا الزعم كان محلا للجدل وقتها. وورد أول التقارير المؤكدة عن ثدييات مستنسخة في عام 1984 عندما نجح العالم الدنماركي شتين فيلادسين في استنساخ خروف من خلايا جنينية أثناء عمله في المجلس البريطاني للبحوث الزراعية. وسرعان ما توالت محاولات الآخرين، وفي عام 1986 استنسخ فريق بقيادة نيل فرست في جامعة ويسكونسن بالولايات المتحدة بقرة. وكلاهما أدهش الوسط العلمي لكن أثار بعض الاستهجان بين العامة. وفي السنوات القليلة التالية، أنتج العلماء أعدادا كبيرة من الفئران والضفادع والماشية المستنسخة.
يرجع جزء من السبب وراء هذا الغموض إلى أنه فيما كان يأمل قليل من العلماء في وضع طريقة جديدة لتخليق قطعان من الحيوانات المتماثلة، كانت معظم الاستنساخات تخلق في تجارب تسعى لكشف وظائف الحيوانات، ووجه عديد منها نحو اكتشاف أسرار التكوين؛ إذ سعت إلى أن تفهم تماما كيف يكون الحيوان أعضاء متنوعة كالعضلات والبشرة والعظام والأعصاب والدم من بويضة مخصبة؛ وهي خلية بدائية واحدة. ولم يحظ هذا العمل بقدر كبير من انتباه العامة لبعده الشديد عن مجريات الحياة اليومية.
ناپیژندل شوی مخ