111

دم او عدالت

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

ژانرونه

وتضمن الكتاب - الذي نشر في فرانكفورت - رسما لحمل يجلس في هدوء على منضدة بينما يتبرع بدمه الحي في كرم لمتلق يجلس مستسلما هو الآخر؛ وهو شخص يجلس بارتياح على كرسي. ويزعم بورمان أن أفكاره قد خطرت له بعد أن شهد نقل الدم من حمل إلى شاب في فرانكفورت عام 1668، لكنه لم يذكر من أجرى العملية ولا نتائجها.

ويزعم بورمان أنه في أثناء عمله مع بالتاسار كاوفمان قد عالج السيد فيلسلاين من الجذام بنقل الدم إليه من حمل سليم، لكنه فشل في علاج «جنديين مصابين بالإسقربوط» وصياد يعاني من «طفح جلدي متفش». لكن، بصفة عامة، استنتج بورمان أن نقل الدم لا يؤثر كثيرا في المتلقي عادة؛ ربما لأن جهاز نقل الدم لم يكن فعالا بدرجة حالت دون حصول الشخص على كمية كبيرة من الدم.

كان انعدام الفائدة الملموسة يعني أنه مع أوائل القرن الثامن عشر لن يكون هناك في أوروبا من يواصل إجراء تجارب نقل الدم. إلا أن هذا لم يمنع الناس من وصف كيفية إجرائه في كتاباتهم. ففي عام 1763 - مثلا - أورد الجراح الألماني لورنس هايستر - الذي لم يكن قد ولد إبان تجارب نقل الدم في القرن السابع عشر - سلسلة من الرسومات في كتابه بعنوان «الجراحة».

وفي هولندا - عام 1668 - أجرى الطبيبان رينييه دي جراف وفان هورن تجارب نقل الدم باستخدام حيوانات، لكنهما لم يتحمسا للتقنية، وسرعان ما تخليا عنها.

وعلى مسافة أبعد، حيث إسبانيا، وردت روايات تقول إن الدكتور فابريتيوس طبيب دانتزيك كان يدرس إمكانية حقن سوائل طبية في أوردة البشر. ففي رسالة ترجمها أولدنبرج إلى الإنجليزية ونشرت في «مداولات فلسفية» في 9 ديسمبر 1667 وصف فابريتيوس ثلاث محاولات أجريت على ثلاثة أشخاص مختلفين. كان الأول «جنديا شهوانيا» أصيب بعدوى خطيرة لمرض تناسلي وظهرت لديه «نتوءات خطيرة في عظام ذراعيه». وبحقن ملين في أوردة ذراعيه، شكا الجندي من ألم شديد وتورمت أوردة ذراعيه إلى حد بالغ. وبعد أربع ساعات من التدليك بعناية، اختفى الورم من أوردته، وفي اليوم التالي تبرز خمس مرات بكمية جيدة - وهو ما يعد دائما علامة على الصحة الجيدة. علاوة على ذلك، اختفى المرض التناسلي والتكتلات التي كانت في ذراعه دون مزيد من العلاج.

أما عمليتا الحقن الأخريين فكانتا لامرأتين؛ كانت الأولى متزوجة وبالغة من العمر 35 عاما، والثانية خادمة شابة في العشرين من عمرها. وكانتا تعانيان من نوبات صرع طوال حياتيهما، وقد فقدتا الأمل في إيجاد علاج. حقنهما فابريتيوس بملين مذاب في «محلول روحي مضاد للصرع». تغوطت السيدة ذات الأعوام الخمسة والثلاثين برازا لينا بعد الحقن مباشرة، ومنذ ذلك الحين قلت لديها حدة نوبات الصرع وتكرارها، لتختفي تماما في النهاية؛ لقد شفيت المرأة. أما الفتاة فكان علاجها أقل نجاحا. فقد تبرزت أربع مرات بعد العملية، وهو ما أتاح لفابريتيوس أن يستنتج ضمنا أن العملية أصابت قدرا من النجاح. إلا أنها خرجت بعدها وأصيبت ببرد وعجزت عن الالتزام بنظامها الغذائي. وأدت النتيجة الإجمالية لهذه الأحداث إلى موتها.

وفي ختام تقريره يقول فابريتيوس: «من اللافت أن القيء مباشرة بعد العملية وبشدة وبصفة متكررة كان عاملا مشتركا في الحالات الثلاث؛ ويترك للأطباء العباقرة تحديد السبب وراء ذلك.» لقد أصبحنا نعلم الآن أن حقن كثير من السموم في مجرى الدم يمرض الإنسان بشدة.

بالعودة إلى إيطاليا، حيث أجرى سنيور فراكاساتي أستاذ التشريح في بيزا سلسلة من التجارب عام 1667، بحقن السوائل في الأوردة. في البداية، حقن ماء النار (حامض النيتريك) في كلب، فنفق، وكشف تشريح الجثة عن أن عديدا من الأوعية في الرئتين قد تلفت. ووجد فراكاساتي أن الدم كان متجلطا، واستنتج أن أي شيء يذيب الجلطات قد يكون علاجا لأمراض معينة.

وأدى حقن خلاصة الزاج (حامض الكبريتيك) في كلب آخر إلى نوبات صرع، وسبب له معاناة كبيرة قبل نفوق الكلب المسكين. وبفحص الكلب من الداخل، اكتشف فراكاساتي أن الدم كان «متصلبا في الأوردة ومتخثرا ويشبه السناج». أما زيت الكبريت (يشبه حامض الكبريتيك) فلم يكن له أثر مميز، وإن سبب زيت الطرطير (أحد مكونات مساحيق الخبز) الشعور بألم قبل أن يقتل الكلب.

وبين مقال نشر في «مجلة الأدباء» - وهي النظير الإيطالي لدورية أولدنبرج - أن ثمة تجارب نقل دم كانت تجرى في جنوب القارة. ففي 8 مايو 1667، نقل سنيور كاسيني الدم من الشريان السباتي لحمل إلى الوريد الوداجي لحمل آخر. وكان قد أخرج من الحمل المتلقي قبلئذ كمية كافية من الدم ليفسح مجالا للدم الجديد. وبانتهاء العملية كان قد ربط الوريد الوداجي وقطب الجرح وترك الحمل ينزل من فوق المنضدة. تعافى الحمل وراح ينمو طوال ثمانية أشهر إلى أن نفق فجأة في 5 يناير 1668. من الواضح أنه مر بعملية نقل الدم بسلام، وليس من المرجح على ما يبدو أن موته كان نتيجة مباشرة للتجربة.

ناپیژندل شوی مخ