109

دم او عدالت

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

ژانرونه

كانت فكرة ليبافيوس هي توصيل شريانين معا. لكن لماذا شريانين؟ كان ليبافيوس يعمل على وضع نظرية ترى أن هناك نوعين من الدم: الوريدي والشرياني. من الواضح أنه لم يهتم بالتعويض الغذائي للكهل، بل أراد أن ينقل خلاصة الحياة للشاب إلى هذا المريض الذي شاخ. وكانت النظرية القديمة تقول إن الروح كامنة في الدم الشرياني. (من الممكن أن ليبافيوس كان سيوصي بتوصيل وريدي الرجلين إن أراد أن ينقل المواد الغذائية.) ولا يوجد دليل على أن ليبافيوس قد جرب هذه الخطوة قط، ولا سبب يدعو إلى افتراض نجاحها إن كان قد فعل؛ إذ إن الضغط في شرايين كلا المريضين سيتعادل، ليمنع الدم من التدفق عبر الأنبوب. ولم يكن ليبافيوس ليعلم بهذه المشكلة المحتملة، بل كان سيتوقع أن يسحب جسم الكهل الفقير الدم من الشاب المتمتع بالصحة الوافرة.

رغم اهتمام بويل بالكيمياء، ورغم الاتصالات المتقدمة نسبيا في أوروبا، لم يعترف أي شخص في إنجلترا بمعرفته بأفكار ليبافيوس إلى أن كتب مراسل إيطالي - باولي مانفريدي - إلى أولدنبرج وأشار إلى الكتاب في عام 1668. لكن من الممكن أن يكون السبب هو أنهم استبعدوا أي شيء فيما قبل هارفي باعتباره غير ذي صلة على أساس أن أي أفكار غير مبنية على فكرة الدورة الدموية كانت معيبة من الأساس.

كتب الأستاذ يوهانس كول في أثناء عمله في بادوفا بإيطاليا كتابا يطرح وسائل جديدة لإطالة العمر. وذكر كتاب كول الذي بعنوان «الطريقة السهلة في إعداد علاج جديد آمن» والذي نشر بعد عمل مانفريدي ببضع سنوات فكرة نقل الدم بالفعل، وإن لم يرد فيه أنه جرب تلك الطريقة فعلا.

كما زعم كل من العلماء الفرنسيين والإنجليز عدم علمهم إطلاقا بمزاعم الطبيب الإيطالي فرانشيسكو فولي هو الآخر؛ إذ أكد فولي أنه في 13 أغسطس 1654، وبحضور الدوق العظيم فرديناند الثاني، استخدم جهازا مصنوعا من أنبوب فضي وجزء من شريان وأنبوب مصنوع من قطعة عظم لنقل الدم بين الحيوانات.

وفي عام 1680، نشر فولي كتيبا زعم فيه أنه مبتكر نقل الدم:

لقد أشرت إلى هذا في كتيبي عن ثقافة الحياة الذي لم أنشره إلا لأعرف الجميع أنني مبتكر نقل الدم بنهاية عام 1654، وشرحته لمعالي فرديناند الثاني دوق توسكانا العظيم صاحب الذاكرة التي لا تشيخ. وقد سرته حداثة الفكرة أو عبقريتها الباهرة أو شرحها التجريبي اللافت.

4

على عكس ليبافيوس، تمتع فولي بميزة الاطلاع على عمل هارفي، وبنى ادعاءه لاستحقاق الشهرة على أنه لما قرأ «حركة القلب» عام 1652، خطر بباله على الفور المزايا المحتملة لنقل الدم. وزادت قوة الفكرة بملاحظته لتوءمين ملتصقين يشتركان في الكبد ومتصلين عند الأمعاء. وكما هو الحال في أغلب الأحيان، كان أحد التوءمين مشوها بشدة وغير قادر على تناول الطعام أو الشراب، ومن ثم كان معتمدا على توءمه لإمداده بالغذاء والسوائل. لقد كان هذا في ذهن فولي المحب للاستطلاع مثالا «طبيعيا» على نقل الدم.

ودفعه حماسه إلى القول إن الأطباء عليهم أن يعدوا قوائم تضم 20 شابا يمكنهم أن يكونوا سلسلة من المتبرعين، حيث يعطون جرعة يومية من الدم لمستقبل. ويعرض كتابه صورا للأدوات المصنعة من الأنابيب الفضية والذهبية وأقماعا مصنوعة من معادن أقل تكلفة تتصل بشرايين مأخوذة من عنزة. لكن السؤال هو: لماذا لم يعرف أحد بهذه التجربة إذا كانت مثيرة وناجحة إلى هذا الحد؟ والأرجح على ما يبدو أن فولي ناقش إمكانية إجراء مثل هذه العملية مع ضيفه الكريم لكنه لم ينفذها قط؛ إذ لم يرد الحدث في أي سجل للبلاط. يقدم فولي تفسيرا بديلا:

لم أعرض فكرتي على أحد آخر؛ إذ رأيت أنه إن كان هذا الابتكار ناجحا فالملوك وحدهم هم من يستحقونه.

ناپیژندل شوی مخ