دم او عدالت
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
ژانرونه
ربما تصالح أولدنبرج، لكن قليلين من الناس في الشارع هم من علموا بذلك. فالأفضل ألا يلفت الأنظار وأن يخرج من لندن؛ ولو لبضعة أيام. فسيستغرق الأمر بعض الوقت لينتشر الحديث عن إطلاق سراحه، والأمل في أن تنتشر الشائعات نفسها عن براءته. ولم يكن منزله في بول مول يوفر له قدرا كبيرا من الأمن؛ لذا انصرف بأقصى سرعة متوقعة من رجل يحمل قليلا من المال - إن لم يكن لا يملك مالا على الإطلاق - إلى الريف، إلى كريفورد في كنت، ربما إلى منزل دورا - تلك الفتاة القاصر التي تحت وصايته.
كان هواء الريف عليلا، لكن لم يكن لدى أولدنبرج أي وسيلة لجني المال بعيدا كل هذا البعد عن لندن. وبعد أن استعاد أولدنبرج عافيته وتناول بعض الطعام الجيد، قرر أن يعود إلى لندن ليرى إن كان من الممكن أن يستأنف نشاطه من حيث توقف. وسرعان ما أدرك أن هذا الأمر لن يكون سهلا. وفي 3 سبتمبر 1667، كتب إلى بويل - الذي كان يقيم في أكسفورد وقتها - وتمنى أن يكون بخير واعتذر عن غيابه. وكتب إلى كثيرين من أصدقائه السابقين الآخرين، وشعر بخيبة الأمل من عدم تلقيه أي رد إلا من بويل وبيل؛ ولم يكن ذلك بأفضل ترحيب بعودته إلى الديار.
لندن، 12 سبتمبر 1667
سيدي!
رغم مرور أكثر من أسبوعين منذ أن أعلمت أصدقائي الذين أتراسل معهم بعودتي إلى سابق عهدي، لم أتلق أي رد إلا منك ومن الدكتور بيل (وامتناني إليك أكبر)، الأمر الذي يجعلني أخمن أن الأجانب، وخاصة في المناطق المجاورة ربما يتحرجون من مواصلة نشاطهم السابق الذي اعتادوا عليه وهو قضاء الوقت معي، بدافع الرفق بي وخوفهم على سلامتي التي قد يظنون أنها تتعرض للخطر نتيجة كتابتهم إلي بقدر كتابتي إليهم. لكنني أنوي أن أريحهم من مخاوفهم إن وجدت أنها تسيطر عليهم، وذلك بقصر مراسلاتي على الأمور ذات الطبيعة الفلسفية، أو من المجاملات اللطيفة ما لا يساء فهمه أو يثير شكا في أي نوايا خبيثة.
11
كان أولدنبرج قد تغيب لبضعة أشهر وكان عليه أن يتوقع بعض المفاجآت في كومة البريد التي تنتظره. لقد انتابه الفضول حتما لفتح نسخة مما ادعي أنه دوريته. والأرجح أنه قلب صفحاتها ووضعها جانبا. كان على وشك اكتشاف من الذي استكمل إصدار صحيفته بمجرد فتحه باقي البريد.
شكل 7-4: ترجمة أولدنبرج لخطاب من دوني. حقوق الطبع محفوظة للجمعية الملكية.
من ضمن بريده كان هناك بضع خطابات تشكو من الطبعة المذكورة لدوريته، مشيرة إلى أنه أفسح المجال لانتشار الادعاءات الفظة لفرنسي مغمور بالسبق. ربما نجا أولدنبرج من اتهامات بخيانة التاج، لكنه الآن يواجه نداءات بالخيانة من داخل الوسط العلمي. تصفح أولدنبرج نسخة الدورية مجددا، لكن بعناية أكبر هذه المرة. ووجد النسخة المترجمة من المقال الفرنسي. وتذكر ترجمته المقال قبل يوم فقط من اعتقاله أو نحو ذلك، ووضع الترجمة ضمن كومة من الأوراق المجهزة للعدد التالي. من الواضح أن ادعاء السبق في هذا المقال كان مبالغا فيه، وكان يخطط دائما لأن يستغل صلاحيته كمحرر في إضافة معلومات توازن الأمر على نحو سليم. إلا أن المقال نشر بالكامل دون أي تعديلات.
وبحلول الثالث والعشرين من سبتمبر، كان أولدنبرج قد أعاد كتابة النسخة الجديدة وطبعها، ووزعت 500 نسخة في أنحاء أوروبا. وبالنظر إلى أن النسخة الأصلية لم يتبق منها إلا طبعات قليلة، يبدو أن معظم الناس تخلصوا من الأولى وأبقوا النسخة الجديدة. لم يكن الاختلاف ملموسا لدى كثيرين إن لاحظوه أصلا. أما بالنسبة إلى القلة المهتمة بنقل الدم اهتماما شغوفا - الذين كانت المكانة الرفيعة في هذا المجال إلزامية في حيواتهم المهنية - فقد كانت تلك الأحداث كارثية.
ناپیژندل شوی مخ