من الشواهد والدليل المبين ، هو أحق حقيقة ، وأوثق وثيقة ، وأثبت يقينا ، وأنور تبيينا ، من كل معاينة كانت أو تكون أو رؤية ، أو درك حاسة ضعيفة أو قوية ، ما يقول الله سبحانه : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ) [البقرة: 2 3]. تبرئة من الله لهم فيما غاب عنهم في جميع أموره من كل شك وريب.
[استدلال إبراهيم على وجود الله]
وفي الاستدلال على الله ، بما يرى ويبين (1) من آيات الله ، ما يقول أبوك إبراهيم خليل الله : ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ) [الأنعام : 74] ، احتجاجا على قومه في غيبه (2) بما يرون من فطرة الله في سماواته وأرضه وتوقيفا. ويقول صلى الله عليه : ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون (76) فإنهم عدو لي إلا رب العالمين (77) الذي خلقني فهو يهدين (78) والذي هو يطعمني ويسقين (79) وإذا مرضت فهو يشفين (80) والذي يميتني ثم يحيين ) (81) [الشعراء : 75 81]. فكل ما ذكر صلى الله عليه وعدد من خلق الله له وهداه ، وإطعام الله له وسقيه إياه ، وإبراء الله له من مرضه وشفائه ، وإماتة الله له وإحيائه ، فبدائع موجودة ، وأفعال بينة معدودة ، لا ينكر موجودها ، ولا يجهل معدودها ، من المدركين (3) لها من أحد ، ألحد فيها أو لم يلحد ، وإنما ينكر من أنكر صنعها ، ويجهل من جهل بدعها ، فأما (4) العدد لها والوجود ، فبين فيها محدود ، لا ينكره منكر ، ولا يتحير فيه متحير.
وكل ذي عدد ، وكل ما حد بحد ، فالدليل على صنعه تعديده ، وعلى أنه محدث
مخ ۲۶۲