دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين
خپرندوی
دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الرابعة
د چاپ کال
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
في «النهاية»، والجهورى الشديد العالي (يا محمد) لعله قبل تحريم ندائه باسمه، أو لم يكن يعلم ذلك لكونه ببادية بعيدة (فأجابه رسول الله ﷺ نحوًا) مفعول مطلق: أي إجابة نحوًا (من صوته) أي: في الرفع (هاؤم) قال أبو حيان في «النهر»: قال الكسائي وابن السكيت: يقال هاء للرجل وللاثنين رجلين أو امرأتين هاؤما وللرجال هاؤم وللمرأة هاء بهمزة مكسورة بغير ياء وللنساء هاؤنّ، ومعنى هاؤم: خذوا، وقد ذكرنا في «شرح التسهيل» فيها لغات. وهاؤم إن كان مدلولها تعالوا فهي متعدية للمفعول بواسطة إلى اهـ (فقلت له) أي: للأعرابيّ (ويحك) بفتح الواو والمهملة وإسكان المثناة بينهما: كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد تستعمل في «المدح» كما في «النهاية» (اغضض) أي: أنقص (من صوتك، فإنك عند النبيّ. وقد نهيت عن هذا) أي: عن رفع الصوت وعلوّه بين يديه (فقال) لما قام عنده من الحال المقتضي للجهر بالصوت (وا لا أغضض) أي: من صوتي، حذف لدلالة الكلام السابق عليه (فقال الأعرابيّ) سائلًا النبي (المرء) لغة في امرىء: أي الشخص، والمراد منه ما يعم المثنى والجمع لتساوي
الكل في الحكم الآتي أو ما يقابلهما، وعلم حكمهما من تساويهما في مثل هذه الأحكام (يحبّ القوم) أي: الأخيار أحياءً وأمواتًا (ولما يلحق بهم) أي: في الأعمال وطرق الكمال: أي لم يعمل بعملهم، إذ لو عمله لكان منهم ومثلهم ولما لنفي الماضي المستمر فتدل على نفيه في الماضي والحال، بخلاف لم فإنها تدل على الماضي فقط (قال النبي) جوابًا عن ذلك (المرء مع من أحبّ) فيه فضل حبّ الله ورسوله والأخيار أحياء وأمواتًا، ومن أفضل محبة الله ورسوله امتثال أمرهما واجتناب نهيهما والتزام الآدب الشرعية، ثم لا يلزم من كونه مع من أحبّ أن تكون منزلته وجزاؤه مثلهم من كل وجه، وقد جاء في «صحيح مسلم» حديث لأنس فيه مثل هذه البشرى، وفيه قال أنس: ما فرحنا بعد الإسلام فرحًا أشد مما فرحنا بقول النبيّ (المرء مع من أحبّ) .
قال القرطبي: وإنما كان فرحهم بهذا القول عنه
1 / 105