دلالة الشكل
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
ژانرونه
كان سيزان، كما يقول إتيين سوريو، يدعي تأييد الانطباعية وتدعيمها، في حين أنه في الحقيقة كان يؤسس شيئا جديدا كليا، فبعد ذلك النوع من صهر الانطباعية للأشكال وتمييعها، برزت نزعة تجسد الحنين إلى بنية الأشكال، لقد جعل سيزان محور اهتمامه التنظيم الشكلي للعناصر التصويرية: الخط واللون والمسطح؛ أي جعل التصوير تصويرا، وأهاب بما هو فريد في التصوير، وما لا يمكن إدراكه على أي نحو آخر، مما جعله يلجأ إلى تحريف متعمد للشيء الطبيعي ويتخلى عن المحاكاة الحرفية ويقلل من أهمية الموضوع، ويولي أهمية خاصة للخطوط والألوان بمعزل عن وظيفتها التمثيلية. إن الفن، بعد كل شيء، عالم قائم بذاته، لا يتكئ إلى الحياة وليس مسئولا أمامها، بل إن له أهدافه وقيمه الخاصة، وكلما تخلص الفن من آثار المحاكاة ومن أوضار «التمثيل»
representation
زادت قيمته خلوصا ونقاء بوصفه فنا، وهو مما يستدعي بشدة قول «موريس دنيس» المأثور «يجب أن نتذكر أن لوحة ما، قبل أن تكون ممثلة لجواد حربي، ولامرأة عارية، أو لأي موضوع آخر، إنما هي في جوهرها مساحة مسطحة مغطاة بألوان مجموعة على نسق معين.»
وبعد حلول القرن العشرين اتجه الفنانون إلى استبعاد جميع آثار «التمثيل»؛ فالقيم التشكيلية واللونية للتصوير يمكن أن تستغل على أكمل نحو عندما لا يكون العمل مضطرا إلى اهتمام بمشابهة الواقع، وفي عام 1907 أتم بيكاسو لوحته الشهيرة «صبايا أفينيون» التي اعتبرت ثورة في فن التصوير واستبصارا جديدا بالواقع، وانبثقت عنها الحركة «التكعيبية»
cubism ، كانت الدراسات التمهيدية التي قام بها بيكاسو قبل إنجاز اللوحة نهائيا تلخص تطور هذه الثورة؛ ففي البداية كان المقصود من العمل أن يكون تمثيليا، بل كان له شيء من الدلالة الأخلاقية، وفي الدراسات التالية أخذ البناء الشكلي للعمل يزداد أهمية، حتى انتهى الأمر إلى حذف العنصر الأخلاقي لصالح تكوين يتألف من هيئة شكلية خالصة، تزداد بالتدريج، أثناء تطورها، تجريدا وانتزاعا للقوام الإنساني، وفي العمل النهائي انقسمت الوجوه والأجسام إلى تصميمات من الزوايا والمسطحات.
وبالمثل فإن الألوان في أجزاء الجسم كانت في كثير من الأحيان بعيدة كل البعد عن أية مشابهة مع الحياة، كانت هذه اللوحة إرهاصا بالحركة التكعيبية التي أوغلت في التجريد وجعلت تحلل الموضوعات الطبيعية إلى تصميمات للسطوح، بطريقة تبلغ في كثير من الأحيان من الابتعاد عن الواقع حدا لا نستطيع معه أن نعرف ما هو الأنموذج
model
إلا عن طريق عنوان اللوحة، غير أن هذا أمر لا أهمية له، وكما يقول ليجيه
léger «إن السؤال: ما الذي يمثله هذا؟ هو سؤال لا معنى له.» والمهم في الأمر هو خلق تصميم هندسي يتميز في صميمه بأنه يجذب العين ويأسرها، وأخيرا تم التخلي عن أية علاقة ولو واهية بالواقع؛ ففي الفن «اللاموضوعي» مثل فن كاندينسكي
Kandinsky
ناپیژندل شوی مخ