دلائل النبوة
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني
پوهندوی
الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس
خپرندوی
دار النفائس
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
سيرت
إِلَّا الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ، الَمُزَيَّنَ بِكُلِّ الْمَنَاقِبِ، وَلِهَذَا لِمْ يُوجَدْ نَبِيٌّ قَطُّ بِهِ عَاهَةٌ فِي بَدَنِهِ أَوِ اخْتِلَاطٌ فِي عَقْلِهِ، أَوْ دَنَاءَةٌ فِي نَسَبِهِ، أَوْ رَدَاءَةٌ فِي خُلُقِهِ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ قَوْلُهُ ﷿ ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [سورة: الأنعام، آية رقم: ١٢٤] . وَمَعْنَى الْفَضِيلَةِ الْإِكْرَامِيَّةِ: أَنَّ الْمُلُوكَ مَتَى أَرْسَلُوا رَسُولًا اخَتْارُوهُ لِلْوِفَادَةِ، أَيَّدُوهُ فِي حَالِ الْإِرْسَالِ بِلَطَائِفَ وَكَرَامَاتٍ وَزَوَائِدَ وَمُعَاوَنَاتٍ يُيَسِّرُ الْخَطْبَ عَلَيْهِ فَوْقَ مَا كَانَ مَكَّنَهُ مِنْهُ، وَخَوَّلَهُ فِي مَاضِي خِدْمَتِهِ، فَاللَّهُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ إِذَا أَمَرَهُ لِلْإِبْلَاغِ عَنْهُ أَمَدَّهُ بِزَوَائِدَ تُقَوِّي قَلْبَهُ، وَتَشْحَذُ قَرِيحَتَهُ، وَتُمَكِّنُهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ وَالْعَزَائِمِ الْقَوِيَّةِ، وَالْحُكْمِ الْمَدِيدِ، كَمَا أَيَّدَ مُوسَى ﵇ بِحَلِّ الْعُقْدَةِ مِنْ لِسَانِهِ، وَإِشْرَاكِهِ هَارُونَ فِي الْإِرْسَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷿ ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ [سورة: القصص، آية رقم: ٣٤] فَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُهُ ﷿ ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾ [سورة: طه، آية رقم: ٣٦]، وَمَعْنَى الْإِمْدَادِ بِالْهِدَايَةِ: فَإِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا اخْتَارُوا لِلْإِبْلَاغِ عَنْهُمْ مَنْ عَلِمُوا مِنْهُ الْكَفَاءَةَ وَالِاسْتِغْلَالَ بِمَا وَلُّوهُ فَلَا يُخْلُونَهُ مِنْ كَتْبٍ مِنْهُمْ إِلَيْهِ تَتَضَمَّنُ الرُّشْدَ وَالْهِدَايَةَ، عِلْمًا مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى صَنِيعَةِ الْآدَمِيِّينَ. فَاللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ مَتَى قَلَّدَ عَبْدًا قَلَائِدَ الرِّسَالَةِ فَحِكْمَتُهُ تَقْضِي أَنْ لَا يُخْلِيَهُ مِنْ مَوَادِّ الْإِرْشَادِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْعُلُومَ الْمُكْتَسَبَةَ لَا تَنَالُ إِلَّا تَعْرِيفًا، وَلَا تُصَابُ الْمَصَالِحُ الْكُلِّيَّةُ إِلَّا تَوْفِيقًا، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُهُ ﷿ ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِتَّ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [سورة: الفرقان، آية رقم: ٣٢]، ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ﴾ [سورة: الإسراء، آية رقم: ٧٤]، وَمَعْنَى التَّثْقِيفَ عِنْدَ الزَّلَّةِ: فَمَا بَعَثَ مَلِكٌ وَاحِدًا يُحَبِّبُ بِهِ الرَّعِيَّةَ إِلَى طَاعَةٍ فَيَرَى طَبْعَهُ مَائِلًا فِي حَالَ الْإِبْلَاغِ إِلَّا زَجَرَهُ عِنْدَ أَدْنَى هَفْوَةٍ بِأَبْلَغِ
1 / 35