251

دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

ایډیټر

محمود محمد شاكر أبو فهر

خپرندوی

مطبعة المدني بالقاهرة

د ایډیشن شمېره

الثالثة ١٤١٣هـ

د چاپ کال

١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

دار المدني بجدة

ما جاء في التنزيل "قال" غير معطوف وأمثلته:
٢٧٤ - واعلم أنَّ الذى تراهُ في التنزيلِ من لفظِ "قال" مَفصولًا غيرَ معطوف، هذا هو التقديرُ فيه، واللهُ أعلم. أعني مثلَ قولِه تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ﴾ [الذاريات: ٢٤ - ٢٨]، جاء على ما يقعُ في أنفسِ المخلوقين منَ السُّؤال. فلما كان في العُرفِ والعادةِ فيما بينَ المخلوقينَ إذا قيل لهم: "دخلَ قوم على فلان فقالوا كذا"، أخرجَ الكلامَ ذلك المُخْرجَ١، لأنَ الناسَ خوطبوا بما يتعارفونه، وسلك باللظف معهم المَسْلكُ الذي يَسْلُكُونه.
وكذلك قولُه: ﴿قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾، وذلك أن قولَه: ﴿فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ﴾، يقتضي أن يُتْبعَ هذا الفعلُ بقولٍ: فكأنه قِيل واللهُ أعلمُ: "فما قال حينَ وَضَعَ الطعامَ بين أيديهم؟ "، فأتى قولُه: ﴿قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ جوابًا عن ذلك.
وكذا: ﴿قَالُوا لا تَخَفْ﴾، لأنَّ قولَه: ﴿فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾، يقتضي أن يكونَ من الملائكةِ كلامٌ في تأنيسِه وتَسكينه مما خامَره، فكأنه قيلَ: "فما قالوا حينَ رأوه وقد تغيَّرَ ودخلتْه الخيفةُ؟ " فقيل: "قالوا لا تَخفْ".
٢٧٥ - وذلك، واللهُ أعلم، المعنى في جميع ما يجيءُ منه على كثرتِه، كالذي يجيءُ في قِصَّةِ فرعونَ عليه اللعنةُ، وفي رَدِّ موسى ﵇ عليه كقولِه: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ

١ السياق: "فلما كان في العرف والعادة .... أخرج الكلام".

1 / 240