215

دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

ایډیټر

محمود محمد شاكر أبو فهر

خپرندوی

مطبعة المدني بالقاهرة

د ایډیشن شمېره

الثالثة ١٤١٣هـ

د چاپ کال

١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

دار المدني بجدة

ومن ذلك ما أنشدَه الشيخُ أبو علي في "الإغفال"١:
ولَوْلا جَنَانُ الليلِ ما آبَ عامرٌ ... إلى جَعْفرٍ، سِرْبالُه لم يُمَزَّقِ٢
٢٣٠ - وَمِمّا ظاهرُه أنَّه منه قوله:
إذا أتيت أبا مروان نسأله ... وجَدْتَه حاضِراهُ الجودُ والكَرمُ٣
فقولُه: "حاضِراهُ الجودُ"، جملةٌ من المبتدأ والخبر كما تَرى، وليس فيها "وَاوٌ"، والمَوضِعُ موضعُ حالٍ، ألا تراكَ تقولُ: "أتيتُه فوجدتُه جالسًا"، فيكونُ "جالسًا" حالًا، ذاك لأنَّ "وجدتُ" في مثلِ هذا مِن الكلام لا تكونُ المتعديةَ إلى مفعولينِ، ولكنْ المتعديةَ إلى مفعولٍ واحدٍ كقولكَ: "وجدْتُ الضالَّة" إلاَّ أنه ينبغي أن تَعْلم أنَّ لتقديمهِ الخبرَ الذي هو "حاضراه" تأثيرًا في معنى الغِنى عن "الواوِ"، وأنه لو قالَ: "وجدتُه، الجودُ والكرَمُ حاضراهُ" لم يَحسُنْ حسْنَه الآنَ، وكان السببُ في حسْنه معَ التقديم، أنَّه يَقْرُبُ في المعنى مِنْ قولكَ: "وجدتُه حاضرُه الجودُ والكرمُ" أو "حاضرًا عندَه الجوُد والكرمُ".
جملة الحال، والفعل مضارع مثت غير منفي لا تكاد تجيء بالواو:
٢٣١ - وإن كانِت الجملةُ من فِعْلٍ وفاعلٍ، والفعلُ مضارعٌ مُثْبَتٌ غيرُ منفيِّ، لم يكَد يَجيء بالواوِ، بل تَرى الكلامَ على مَجيئها عاريةً منَ "الواو"، كقولك: "جاءني زيدٌ يَسْعى غلامُه بين يديه"، وكقوله:

١ "أبو على الفارسي"، وكتابه "الإغفال".
٢ الشعر لسلامة بن جندل في ديوانه، وفي الآصمعيات رقم: ٤٢، واللسان "جنن"، وروايته كما هنا، وأجود الروايتين ما في الديوان والأصمعيات: "سر بالله لم يحرق"، أي لم تخرقه الرماح والسهام. و"جنان الليل"، ما يسترك من ظلمته.
٣ ينسب للأخطل، وليس في ديوانه.

1 / 204