178

دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

پوهندوی

محمود محمد شاكر أبو فهر

خپرندوی

مطبعة المدني بالقاهرة

د ایډیشن شمېره

الثالثة ١٤١٣هـ

د چاپ کال

١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

دار المدني بجدة

و"لو شئتَ أن تَعودَ بلادَ نجدٍ عودةً عُدْتَها" أذهب الماءَ والرونقَ، وخرجْتَ إلى كلامٍ غَثٍّ، ولفظٍ رث.
١٧١ - وأما قول الجوهري:
فَلمْ يُبْقِ منِّي الشوقُ غيرَ تَفكُّري ... فَلَوْ شئتُ أن أَبْكِي بكَيْتُ تَفَكُّرا١
فقد نَحَا به نَحْو قولهِ:
وَلَو شئتُ أن أبكي دمًا لبكيتُه٢
فأظْهَر مفعولَ "شئتُ"، ولم يَقُلْ: "فلو شئتُ بكيتُ تفكُّرًا"، لأجل أَنَّ له غرَضًا لا يَتمُّ إلاَّ بذكِر المَفْعولِ، وذلك أنه لم يُردِ أَن يقولَ: "ولَو شئتُ أن أبكي تفكُّرًا بكيتُ كذلك"، ولكنه أرادَ أن يقولَ: قد أَفناني النحولُ، فلم يَبْقَ مني وفيَّ غيرُ خواطِرَ تَجولُ، حتى لو شئتُ بكاء فَمَريْتُ شُؤوني٣، وعصَرْت عيني ليسيلَ منها دمعٌ لم أَجدْه، ولخَرجَ بدلَ الدمع التفكُّرُ٤. فالبكاءُ الذي أرادَ إيقاعَ المشيئِة عليه مُطْلَقٌ مُبْهم غيرُ مُعَدَّى إلى "التفكُّر" البتَّةَ، و"البكاء" الثاني مقيَّد معدَّى إلى التفكُّر. وإذا كان الأمرُ كذلك، صارَ الثاني كأنه شيءٌ غيرُ الأول، وجرَى مَجْرَى أن تقولَ: "لو شئتَ أن تُعطي درهمًا أعطيتَ درهَمين" في أنَّ الثاني لا يَصْلح أن يكونَ تفسيرًا للأول.

١ "الجوهري" هو "أبو الحسن، علي بن أحمد الجوهري الجرجاني"، قال الثعالبي في صفته "تجم جرجان"، وذكر أنه ورد نيسابور سنة ٣٧٧هـ، وكان شاعرًا، وذكر من شعره قصيدة على الراء، كأن هذا البيت منها. "يتيمة الدهر ٣: ٢٥٩ - ٢٧٤" وانظر معاهد التنصيص ١: ٢٥٤.
٢ الشعر في الفقرة السالفة رقم: ١٦٨.
٣ في "س": "مريت جفوني" و"الشؤون"، مجاري الدمع في العين. و"مرى ضرع الناقة"، حلبها.
٤ في المطبوعة: "ويخرج بدل".

1 / 167