155

دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

پوهندوی

محمود محمد شاكر أبو فهر

خپرندوی

مطبعة المدني بالقاهرة

د ایډیشن شمېره

الثالثة ١٤١٣هـ

د چاپ کال

١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

دار المدني بجدة

أن يُقْصَر الفعلُ على شيءٍ١، ويُنْفى عمَّا عدَاهُ. فإِذا قلتَ: "ما جاءني إلاَّ زيدٌ"، كان المعنى أنكَ قد قَصَرْتَ المجيءَ على زيدٍ، ونفَيْتَه عن كُلِّ مَنْ عَدَاهُ. وإنَّما يُتَصَّورُ قَصْرُ الفعلِ على معلومِ، ومتى لم يُرَدْ بالنكرةِ الجنسُ، لم يَقفْ منها السامعُ على معلوم، حتى تزعم أَنِّي أقصُر له الفعلَ عليه، وأُخبِرُه أنه كان منه دونَ غيرهِ.
١٤١ - واعلمْ أنَّا لم نُرِدْ بما قلناهُ٢، من أنه إنَّما حَسُنَ الابتداءُ بالنكرةِ في قولهم: "شَرٌّ أهرَّ ذا ناب"، لأنه أُريد به الجنسُ، أَنَّ معنى "شرٌّ" و"الشرُّ" سواءٌ٣، وإنَّما أردنا أَنَّ الغرضَ من الكلام أن نُبيِّنَ أنَّ الذي أَهرَّ ذا النابِ هو مِن جِنْسِ الشرِّ لا جنسِ الخير، كما أنَّا إذا قلنا فِي قولهم: "أرجلٌ أتاك أم المرأةُ أتاكَ" ولكنَّا نعني أنَّ المعنى عَلَى أنك سألْتَ عن الآتي أهو مِنْ جنس الرجال أم جنس النساء؟ فالنكرةُ إذنْ على أصلها منكونها لواحدٍ من الجنسِ، إلاَّ أنَّ القصْدَ منكَ لم يقعْ إلى كونهِ واحدًا، وإنَّما وقعَ إلى كونهِ من جنسِ الرجالِ.
وعكْسُ هذا أنك إذا قلتَ: "أرَجلُ أتاك أم رجلان؟ "، كان القصدُ منك إلى كونِه واحدًا، دونَ كونِه رجلًا، فاعرِفْ ذلك أصْلًا، وهو أنه قد يكون في

١ في المطبوعة: "بنقض النفي".
٢ في المطبوعة: "واعلم أن لم نرد"، والصواب ما في المخطوطتين.
٣ يعني "شر" نكرة، و"الشر" معرفة.

1 / 144