هذه الآية تدل على قبول شهادة الكفار على الوصية في السفر.
وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك كقوله: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٠٥)﴾ [النحل/ ١٠٥]، وقوله: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)﴾ [النور/ ٤]، أي: فالكافرون أحرى برد شهادتهم، وقوله: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق/ ٢]، وقوله: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ. . .﴾ الآية [البقرة/ ٢٨٢].
والجواب عن هذا على قول من لا يقبل شهادة الكافرين على الإيصاء في السفر أنه يقول: إن قوله: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ منسوخ بآيات اشتراط العدالة. والذي يقول بقبول شهادتهما يقول: هي محكمة مخصصة لعموم غيرها. وهذا الخلاف معروف، ووجه الجواب على كلا القولين ظاهر.
وأما على قول من قال: إن معنى قوله: ﴿ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ أي: من قبيلة الموصى، وقوله: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ أي: من غير قبيلة الموصى من سائر المسلمين، فلا إشكال في الآية.
ولكن جمهور العلماء على أن قوله: ﴿مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ أي: من غير المسلمين، وأن قوله: ﴿مِنْكُمْ﴾ أي: من المسلمين. وعليه فالجواب ما تقدم. والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ