لأن الصورة يعبر بها ويراد الصفة كما في حديث خلق الله آدم على صورته تقول هذه صورة هذا الأمر أي صفته فيكون المعنى خلق الله آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة مع أن هذا الحديث فيه علل منها أن الثوري والأعمش كان يدلس ولم يذكر أنه سمع الحديث من حبيب بن أبي ثابت ومنها أن حبيبا كان يدلس ولم يعلم أنه سمعه من عطاء وهذا كله يوجب وهنا في الحديث ومع ذلك فالضمير يصح عوده إلى آدم عليه السلام فالمعنى أن الله عزوجل خلق آدم على صورته التى خلقه عليها تاما لم ينقله من نطفة إلى علقة كبنيه قال الإمام أبو سليمان الخطابي وذكره تغلب في أماليه وقيل إن الضمير يعود إلى بعض بني آدم وخلق من العلماء سكتوا عن تفسير هذا الحديث فالمشبه لا متمسك له بهذه الأحاديث لما ذكرناه وتمسكه بها يدل على جهله وزندقته عافانا الله عزوجل من ذلك ومن ذلك حديث القدم لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه الحديث وهذا يرجع إلى المحكم قال الله تعالى
ﵟوبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهمﵞ
وقال الحسن البصري القدم في الحديث هم الذين قدمهم الله من شرار خلقه وأثبتهم لها وقال البيهقي عن النضر بن شميل القدم هنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار وقال الأزهري القدم الذين تقدم القول بتخليدهم في النار وقال إبن الأعرابي القدم المتقدم وكل قادم عليها يسمى قدما والقدم جمع قادم كما يقال عيب وعايب وروى الدارقطني حتى يضع قدمه أو رجله وفي هذه دلالة على تغيير الرواية بالظن مع أن الرجل في اللغة هي الجماعة ألا تراهم يقولون رجل من جراد فيكون المعنى يدخلها جماعة يشبهون الجراد في الكثرة قال إبن عقيل تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة وهذا عين التجسيم وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض فما أسخف هذا الإعتقاد وأبعده عن المكون تعالى الله عن تخايل الجسمية وذكر كلاما مطولا بالغا في التنزيه وتعظيم الله تعالى وقد تمسك بهذا الحديث إبن حامد المشبه فأثبت لله سبحانه وتعالى صفات وزاد فروى من حديث إبن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال لما أسري بي رأيت الرحمن على صورة شاب أمرد نور يتلألأ وقد نهيت عن صفته لكم فسألت ربي أن يكرمني برؤيته فإذا كأنه عروس حين كشف عنه حجابه مستو على عرشه وهذا من وضعه وافترائه وجرأته على الله عزوجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ومن أعظم فرية ممن شبه الله عزوجل بأمرد وعروس وكان بعض أئمة الحنابلة يتوجع ويقول ليت إبن حامد هذا ومن ضاهاه لم ينسبوا إلى أنهم من أتباع الإمام أحمد فقد أدخلوا بأقوالهم المفتراة الشين على المذهب والتعرض إلى الإمام أحمد بالتشبيه والتجسيم وحاشاه من ذلك بل هو من أعظم المنزهة لله عزوجل وقد خاب من افترى وقال بعض أئمة الحنابلة المنزهين من أثبت لله تعالى هذه الصفات بالمعنى المحسوس فما عنده من الإسلام خبر تقدس الله عزوجل عما يقولون علوا كبيرا وخوضهم في ذلك كلام من لايعرف الله عزوجل وكذا خوضهم في الأحاديث خوض من لا يعرف كلام الله تعالى ولا كلام أهل اللغة فيجرونها على المتعارف عند الخلق فيقعون في الكفر ونوضح ذلك إيضاحا مبينا يدركه أبلد العوام فضلا عن أذكياء الطلبة والعلماء الأخيار الذين جعل الله عزوجل قلوبهم معادن المعاني المرادة وكنوزها فمن ذلك ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الضيف وفيه لقد عجب الله من صنيعكما الليلة وفي إفراد البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عجب ربك من قوم جيء بهم في السلاسل حتى يدخلهم الجنة
قال إبن الأنباري معنى عجب ربك زادهم إنعاما وإحسانا فعبر بالعجب عن ذلك قال الأئمة لأن العجب إنما يكون من شئ يدهم الأنسان فيستعظمه ممالا يعلمه وذلك إنما يكون في المخلوق وأما الخالق فلا يليق به ذلك فمعناه عظم قدر ذلك الشيء عنده لأن المتعجب من الشيء يعظم قدره عنده فالمعنى في حديث الضيف عظم قدره وقدر زوجته عنده حتى نوه بذكرهما في أعظم كتبه وعظم قدر المجيء بهم في السلاسل حتى أدخلهم الجنة وجعلهم من أوليائه وأنصار دينه ومن ذلك حديث لله أفرح بتوبة عبده ومعناه أرضى بها ومنه قوله
ﵟكل حزب بما لديهم فرحونﵞ
أي راضون ونحو ذلك مما هو كثير في القرآن وكذا الأحاديث ومنها حديث النزول وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له إلى آخره وهذا الحديث رواه عشرون نفسا من الصحابة رضي الله عنهم وقد تقدم أنه يستحيل على الله عزوجل الحركة والتنقل والتغير لأن ذلك من صفات الحدث فمن قال ذلك في حقه تعالى فقد ألحقه بالمخلوق وذلك كفر صريح لمخالفة القرآن في تنزيهه لنفسه سبحانه وتعالى
مخ ۱۳