وأيضا إن كان الموجود يقبل الإتصال والإنفصال فمسلم فأما إذا لم يقبلهما فليس خلوه من طرفي سوى النقيض بمحال ويوضح هذا أنك لو قلت كل موجود لا يخلو أن يكون عالما أو جاهلا قلنا إن كان ذلك الموجود يقبل الضدين فنعم فأما إذا لم يقبلهما كالحائط مثلا فإنه لا يقبل العلم ولا الجهل ونحن ننزه الذي ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى كما نزه نفسه عن كل ما يدل على الحدث وما ليس كمثله شيء لا يتصوره وهم ولا يتخيله خيال والتصور والخيال إنما هما من نتائج المحسوسات والمخلوقات تعالى عن ذلك ومن هنا وقع الغلط وإستدراج العدو فأهلك خلقا وقد تنبه خلق لهذه الغائلة فسلموا وصرفوا عنه عقولهم إلى تنزيهه سبحانه وتعالى فسلموا
ومن الأحاديث التي يحتجون بها حديث عبد الرحمن إبن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت أنت أعلم يا رب فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات وما في الأرض وهذا الحديث قال الإمام أحمد فيه أن طرقه مضطربة وقال الدارقطني كل أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح وقال البيهقي روى من أوجه كلها ضعيفة وأحسن طرقه يدل على أن ذلك كان في النوم ويدل على ذلك أنه روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال أتاني أت في أحسن صورة فقال فيم يخيصم الملأ الأعلى قلت لا أدري فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعرفت كل شيء يسألني عنه وروي من حديث ثوبان رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أعلم يا رب فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله في صدري فتجلى لي ما بين السماء والأرض وروى من وجوه كثيرة فهي أحاديث مختلفة وليس فيها ما يثبت مع أن عبد الرحمن لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وعلى وجه التنزل فالمعنى راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فالمعنى رأيته على أحسن صفاته أي من الإقبال والرضا ونحو ذلك
مخ ۱۱