دفع شبه من شبه وتمرد
دفع شبه من شبه وتمرد
خپرندوی
المكتبة الأزهرية للتراث
د خپرونکي ځای
مصر
والتقدير الأول وهو لا تشد الرحال إلى مسجد أولى من التقدير الثاني وهو لا تشد الرحال إلى مكان لأنه على التقدير الأول جنس قريب لما فيه من قلة التخصيص لأن التخصيص على تقدير إضمار الأمكنة أكثر فيكون مرجوحا ولو خطر بالبال تقدير العموم في الحديث لكان خيالا فاسد واحدا السياقه وللقرينة اللفظية فيه ولدخول التخصيص بالأدلة السمعية والعملية الكثيرة جدا أما سياقه فلأن الحديث إنما ورد لبيان شرف هذه المساجد الثلاثة وخيرتها على غيرها من المساجد كما مر من أنها مساجد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولهذا تضاعف الأعمال فيها ما لا تضاعف في غيرها والمتكلمون على الحديث إنما يتكلمون في ذلك ونحوه من لزوم النذر المتعلق بها دون الزيارات ولهذا لما تكلم بعض المتأخرين عن الحديث وأدرج ذكر الزيارة إعترض عليه في ذكر الزيارة وقيل لم يرد الحديث لذلك وإنما ورد لبيان شرف هذه المساجد دون غيرها وهذا كاف في بطلان الإحتجاج بالحديث لمنع زيارة القبور 1 والزيادة على ذلك إنما هو علي وجه التنزل فمن احتج بالحديث لمنع الزيارة ينبغي أن لا يرسم في حزب الفقهاء البته لما قررنا وإن قلنا بعموم اللفظ فكذلك لأن وقائع الأعيان إذا تطرق إليها الإحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الإستدلال وهذا في الإحتمال وإن كان فيه بعد
فما ظنك بهذا الحديث الذي لا إحتمال فيه من لفظه وهو قرينة ظاهرة قوية ولها شاهد ظاهر الدلالة كما إذكره إن شاء الله تعالى ولاسيما وقد دخله التخصيص بالأدلة السمعية والعملية مع كثرة المخصصات على إختلاف أنواعها فمنها ما هو فرض عين ومنها ما هو فرض كفاية ومنها ما هو مندوب ومنها ما هو قربة ومنها ما هو مباح وصور هذه الأنواع لا تكاد تنحصر عدا فأما القرينة اللفظية فذكر المساجد الثلاث في الإستثناء وهو بعض المستثنى منه وهذا قوي جدا وإلى تكون بمعنى اللام إذ حروف الصلة ينوب بعضها عن بعض كما هو كثير في الكلام فالمعنى لا تشد الرحال لمسجد إلا للمساجد الثلاث ويؤيد هذا أن رجلا من التابعين قال لإبن عمر رضي الله عنهما أريد أن آتي الطور قال إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى ودع عنك الطور فلا تأته فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم لم يتكلم إلا في شد الرحال إلى المساجد دون غيرها وهو أعلم بالحديث وموارده ومصادره وعلى منواله تكلم العلماء في شد الرحال بالنسبة إلى المساجد وكذا ذكر القاضي عياض في كتابه الإكمال ولم يتعرض لزيارة الموتى أصلا وليس في الحديث تعرض لمنع الزيارة البتة وبهذا وغيره يعرف أن دعوى أن الحديث يدل على منع الزيارة من كلام الجهلة العارين عن العلوم التي بها يصح الإستدلال والإستنباط وعلى سوء الفهم وبلادة الذهن وجموده وأن مثل هذا لا يحل لأحد تقليده ولا الأخذ بقوله لتحقق جهله ببعض ما قررنا
﴿ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾
ومثل هذا لا يزال يتخبط في ظلمة جهله هو وأتباعه وبالله التوفيق
مخ ۱۰۱