ومن قرنه فقد فناه ومن قناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده قال المحققون من أعتقد في الله سبحانه وتعالى ما يليق بطبعه فهو مشبه لأنه سبحانه وتعالى منزه عما يصفة به أو يتخيله لأن ذلك من صفات الحدث وسئل أعني عليا رضي الله عنه بم عرفت ربك فقال عرفته بما عرف به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه فوق كل شيء ولا يقال تحته شيء وامام كل شيء ولا يقال أمامه شيء وهو في كل شيء لا كشيء في شيء فسبحان من هو هكذا وليس هكذا غيره وقال أيضا رضي الله عنه عرفنا الله سبحانه وتعالى نفسه بلا كيف وبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتبليغ القرآن وبيان المفصلات للإسلام والإيمان وإثبات الحجة وتقويم الناس على منهج الإخلاص فصدقته بما جاء به وقال الإمام الحافظ محمد بن علي الترمذي صاحب التصانيف المشهورة من جهل أوصاف العبودية فهو بنعت الربوبية أجهل قال جعفر في قوله تعالى قل هو الله أحد هو الذي لم يعط لأحد من معرفته غير الإسم والصفة وقيل هو الذي لا يدرك حقيقة نعوته وصفاته إلا هو وقوله تعالى الله الصمد قيل هو الذي أيست العقول من أن تطلع عليه أو تدرك ما وصف به نفسه ونسب إليه وقيل هو السيد الذي لا نهاية لسؤدده وقيل هو المصمود إليه في الحوائج وقيل هو الذي لا يستغني عنه شيء من الأشياء وقال إبن عباس رضي الله عنه معناه الذي لا جوف له وقيل غير ذلك وقوله لم يلد ولم يولد نفي الجنسية والبعضه وقوله ولم يكن له كفوا أحد نفي الشريك والنظير فهو الذي لا نظير له في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فتعالى أن تدركه الأوهام والعقول والعلوم بل هو كما وصف نفسه والكيفية عن وصفه غير معقولة ولا موهومة كيف يكون ذلك وهو قديم الذات والصفات والتخيل إنما يكون في المحدثات وسئل الإمام العلامة أبو الحسن الدينوري عن الإستدلال بالشاهد على الغائب فقال كيف يستدل بصفات من يشاهد ويعاين وذو مثل على من لا يشاهد ولا يعاين في الدنيا ولا نظير له ولا مثل هذا من جهل الجاهلين بالآيات التي قلبوا بها حقائق الأمور فجعلوا الآيات صفات ومعنى الآيات العلامات وهو كلام إمام محقق وقد زل خلق كثير بمثل ذلك فسبحان الأحدي الذات العلي الصفات المنزه عن الالآت المقدس عن الكيفيات المنزه عن مشابهة المخلوقات تعالى عما يقوله من الإلحاقات كيف يقاس القادر بالمقدورات والصانع بالمصنوعات وهي من آياته البينات الظاهرات رفع السموات وبسط الأرض وثبتها بالاوتاد الراسيات وأتحفها بالمزن الماطرات فزهت بأنواع النباتات المختلفات كذلك يحيى الموتى
ﵟاعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآياتﵞ
قال أرباب البصائر وذوو التحقيقات ليس كذاته ذات ولا كإسمه إسم من جهة المعنى ولا لصفته صفة من جميع الوجوه إلا من جهة مواقفه اللفظ وكما لم يجز أن يظهر من مخلوق صفة قديمة كذلك يستحيل أن يظهر من الذات الذي ليس كمثله شيء صفة حديثة وأن التكرار من حدوث الصفة جل ربنا أن يحدث له صفة أو إسم إذ لم يزل بجميع صفاته واحدا ولا يزال كذلك وكل أمور التوحيد والتفريد خرجت من هذه الكلمة ليس كمثله شيء لأنه ما عبر عن الحقيقة بشي إلا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة لأن الحق لا ينبعث اقداره إلا على إقراره لأن كل ناعت مشرف على المنعوت وجل ربنا أن يشرف عليه مخلوق
مخ ۵۰