ورأيت في بعض فتاويه أن الكرسي موضع القدمين وفي كتابه المسمى بالتدمرية ما هذا لفظه بحروفه بعد أن قرر ما يتعلق بالصفات المتعلقة بالخالق والمخلوق ثم من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه حي عليم قادر لم يقل المسلمون أن ظاهر هذا غير مراد لأن المفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا فكذلك لما وصف نفسه أنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك ذلك أن ظاهره غيره مراد لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا هذه عبارته بحروفها وهي صريحة في التشبيه المساوي كما أنه جعل الإستواء على العرش مثل قوله تعالى
ﵟلتستووا على ظهورهﵞ
تعالى الله وتقدس عن ذلك وقال في الكلام على حديث النزول المشهور إن الله ينزل إلى سماء الدنيا إلى مرجة خضراء وفي رجليه نعلان من ذهب هذه عبارته الزائغة الركيكة وله من هذا النوع وأشباهه مغالاة في التشبيه حريصا على ظاهرها وإعتقادها وإبطال ما نزه الله تعالى به نفسه في أشرف كتبه وأمر به عموما وخصوصا وذكره إخبارا عن الملأ الاعلى والكون العلوى والسفلي ومن تأمل القرآن وجده مشحونا بذلك وهذا الخبيث لا يعرج على ما فيه التنزيه وانما يتتبع المتشابه ويمعن الكلام فيه وذلك من أقوى الأدلة على أنه من أعظم الزائغين ومن له أدنى بصيرة لا يتوقف فيما قلته إذ القرائن لها إعتبار في الكتاب والسنة وتفيد القطع وتفيد ترتب الأحكام الشرعية لا سيما في محل الشبه قال بعض السلف رضي الله عنهم الأعراض عن الحق والتسخط له علامة الركون إلى الباطل وطريق الحق دقيق وبعيد والصبر معه شديد والعدو لا يزال عنه يحيد وأثقال الحق لا يحملها إلا مطايا الحق وقال بعض السلف داعي الحق داعي رشد ليس للشيطان فيه يد ولا للنفس فيه نصيب داعي الباطل من نزعات الشيطان وهوى النفس ومتبعها هالك لا محالة لأنه عاص في صورة طائع ومبعد في صورة مقرب وصدق ونصح رضي الله عنه فقد هلك بسبب ذلك خلق لا يحصون عدا ولا يمكن ضبطهم حدا قال العلماء أن وسوسة التشبيه من إبليس فالرد عليه وإبطال وسوسته أن يقول في نفسه كل ما تصور في صدري فالرب بخلافة فإنه لا يتصور في صدري إلا مخلوق له كيفية ومثل والرب سبحانه وتعالى لا مثل له ولا كيفية فما مثل في صدري فهو غير ربي فهو سبحانه وتعالى موحد الذات والصفات وسئل علي رضي الله عنه عن التوحيد والعدل فقال التوحيد أن لا تتوهمه والعدل أن لا تتهمه وقال يحيى بن معاذ التوحيد في كلمة واحدة ما تصور في الأوهام فهو بخلافه وقال علي رضي الله عنه ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود وقال رضي الله عنه أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات المحدثة عنه فمن وصفه بحادث فقد قرنه
مخ ۴۹