مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ [البقرة/ ٢٤٠].
والجواب ظاهر، وهو: أن الأولى ناسخة لهذه، وإن كانت قبلها في المصحف؛ لأنها متأخرة عنها في النزول، وليس في القرآن آية هي الأولى في المصحف وهي ناسخة لآية بعدها فيه إلا في موضعين: أحدهما هذا الموضع، والثاني: آية ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ﴾ [الأحزاب/ ٥٠] هي الأولى في المصحف وهي ناسخة لقوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ الآية [الأحزاب/ ٥٢]؛ لأنها وإن تقدمت في المصحف فهي متأخرة في النزول. وهذا على القول بالنسخ، ويأتي إن شاء اللَّه تحرير المقام في سورة الأحزاب.
قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة/ ٢٥٦].
هذه الآية تدل بظاهرها على أنه لا يكره أحد على الدخول في الدين. ونظيرها قوله تعالى: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)﴾ [يونس/ ٩٩]، وقوله تعالى: ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [الشورى/ ٤٨].
وقد جاء في آيات كثيرة ما يدل على إكراه الكفار على الدخول في الإسلام بالسيف، كقوله تعالى: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح/ ١٦]، وقوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة/ ١٩٣] أي: شرك، ويدل لهذا التفسير الحديثُ الصحيح: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه" الحديث.