دادایستي او سوریالیزم: یوه لنډه معرفي
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
ناقشت بالفعل هيمنة وجهة النظر الذكورية الفتيشية في التمثيلات السريالية للجنسانية، ولكن هل يرقى هذا إلى القول بأن السرياليين كان لهم موقف سلبي بشكل سائد تجاه النساء عموما؟ وما وجه الشبه بين موقفهم وموقف أسلافهم الدادائيين؟
لا شك أن المؤرخة الفنية ويتني شادويك ذهبت بشكل مقنع إلى أن النساء في فضاء الحركة السريالية نزعن إلى أن يعاملن بمثالية كملهمات، ومن ثم صيغ لهن شكل نمطي في الخيال الذكوري كنماذج أصلية، مثل الساحرة أو الفتاة، بدلا من أن تنسب إليهن استقلالية خاصة بهن. ومثل هؤلاء النسوة - اللائي كن غالبا إما صديقات للفنانين وإما زوجات لهم، مثل ناديا ملهمة بريتون المجنونة أو جالا زوجة دالي، بحسب تعبير شادويك - إنما وجدن «لإتمام الدورة الإبداعية الذكورية واستكمالها.» وحتى النساء اللائي حققن مكانة بارزة داخل حركة السريالية كفنانات، غالبا ما أنجزن ذلك استنادا إلى علاقة تربط كلا منهن بفنان سريالي؛ وكثيرات من أكابر المستجدات على الحركة في منتصف الثلاثينيات وحتى أوائل الأربعينيات - وتحديدا: ميريت أوبنهايم، وليونورا كارينجتون، وليونور فيني، ودوروثيا تانينج - ارتبطن بعلاقات عاطفية بماكس إرنست. وفي حالة جاكلين لامبا التي كانت زوجة بريتون في النصف الثاني من الثلاثينيات، كان من الضروري أن تمر بتجربة الطلاق، قبل أن تتمكن من التخلص من مكانتها كملهمة وتخوض مسارها الفني الخاص.
على الرغم من أن السريالية خنقت النساء بالإعجاب الأعمى، بما يتسق مع عبادتها للرغبة، فإنه كثيرا ما وفرت الدادائية مساحة أكبر للإبداع الأنثوي. والعلاقة ما بين هانز آرب وصوفي تاوبر في زيوريخ حالة تثبت صحة ما سبق؛ فقد عمل آرب وتاوبر بشكل تآزري على بعض الأعمال التجريدية الأولى لدادائية برلين، التي أنتجاها خلال عامي 1915 و1916 تقريبا، قبل تأسيس كباريه فولتير. تمثلت بعض هذه الأعمال في معلقات صوفية من تصميم آرب، ولكنها من تنفيذ تاوبر التي كانت آنذاك تدرس التصميم بكلية زيوريخ للفنون. وبعرض المنسوجات، بما لها من علاقات بالفنون التطبيقية أو الحرف، في سياق فني رفيع، يمكن اعتبار أن آرب وتاوبر كانا يستحدثان بشكل استراتيجي تكنيكا ينم ضمنا عن الزخارف «الأنثوية» في ميدان «ذكوري» في السابق، ومن ثم فهما لم يتحديا فحسب الهيمنة التقليدية للرسم بالزيت بروح دادائية، بل شككا أيضا في مفهوم الإبداع المتمركز حول الذكور. ومن المعترف به أن آرب كثيرا ما نسب إليه فضل هذه الأعمال، لكن المغزى الاستراتيجي لتلك اللفتات ما برح ثابتا بلا تغيير.
تألقت المرأة في علاقات دادائية أخرى؛ فهناك العلاقة التي قامت بين راءول هاوسمن وهانا هوخ في برلين، ولو أنها كانت علاقة مضطربة بسبب المعايير المزدوجة التي تبناها هاوسمن. في تلك العلاقة، طفق هاوسمن يدعو إلى ممارسة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، رافضا في الوقت نفسه أن يتخلى عن زواجه، ومع ذلك فقد منحت تلك العلاقة هوخ حرية إبداعية كبيرة. بعض توليفاتها الصورية فضحت زيف مؤسسة الزواج (شكل
3-4 )، وبعضها استكشف مكانة «المرأة الحديثة» في فايمار بألمانيا أوائل عشرينيات القرن العشرين؛ حيث إن الطريقة التي خدمت بها صور النساء المشاركات في الأنشطة الرياضية أو الثقافة الشعبية، سجلت المصالح التجارية للمعلنين بقدر ما خدمت المتطلبات السياسية للحركة النسوية. وبخلاف ذلك، مالت الدادائية الذكورية إلى الاتصاف بالذكورية نفسها التي اتسمت بها السريالية.
ولكن بالعودة إلى رجال السريالية، يجب أن نتحرى الحيطة والحذر، فلا نتعجل في إطلاق الأحكام فيما يختص بموقفهم من المرأة. يمكن الزعم بأنهم استنسخوا، دون تفكير، المواقف السائدة في عصورهم تجاه زميلاتهم، بينما كثيرا ما أظهروا مواقف إيجابية تجاه الأنوثة في أعمالهم. في هذا الصدد، تجدر العودة إلى واحدة من فكر التحليل النفساني، ألا وهي الهستريا. كان شاركو، أستاذ فرويد، قد درس هذه الحالة - التي كانت مقتصرة بالكامل تقريبا على المرضى من النساء - في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، وعقد محاضرات عامة في مستشفى سالبتريير بباريس، تعرض المرضى خلالها طواعية لحالات إغماء شبيهة بمرض الهستريا، وعلى الرغم من أن فرويد في نهاية المطاف استنبط أن الأعراض الهستيرية مؤشرات على الكبت الجنسي، اختار السرياليون أن يقللوا من شأن البعد المرضي لتلك الحالة، فاحتفوا بها باعتبارها «وسيلة للتعبير» في دورية «الثورة السريالية» عام 1928. وليس من العجب أن المنظرات النسويات انتقدن السرياليين لإغفالهم التهميش الاجتماعي والتبعية والمعاناة التي تنطوي عليها تلك الحالات المفترض كونها «شعرية». ومع ذلك، ربطت إليزابيث رودينيسكو، مؤرخة التحليل النفساني، بين توقير السرياليين حالات الهيستريا ودفاعهم عن مجرمات أمثال الشقيقتين بابين (شكل
2-6 ) أو فيوليت نوزيير. كانت الأخيرة محط اهتمام كبير في فرنسا عام 1934؛ حيث قامت بتسميم والديها، وثبت أنها مختلة عقليا تماما في المحاكمة اللاحقة التي أقيمت من أجلها. وإذ أثنت رودينيسكو على مثل هؤلاء النسوة، فقد كانت ترى أن السرياليين يدعمون أنثوية خطرة وهدامة كانت مبشرة بالشكل الحديث لوعي المرأة المتحررة تحديدا.
إن فكرة كون توقير السرياليين الخانق للأنوثة عنصر تمكين لهم سياسيا، تعود في واقع الأمر إلى محاجة المؤرخة روزاليند كراوس، القائلة بأنه حتى الصور الفتيشية التجسيدية للنساء في الفن السريالي يمكن النظر إليها في سياق نسوي بدائي؛ فإذا فهم، بحسب كراوس، أن الفتيشية «تحريف» لعلاقة «طبيعية» تجاه الجنسانية، فهي بذلك تعلي ضمنيا قيمة الاصطناعي على الطبيعي، وتوحي بأن فئة «المرأة»، بعيدا عن كونها هبة طبيعية، هي في الحقيقة بنية اجتماعية. واستنادا لوجهة النظر هذه، نجد أن سعي باتاي المتجاوز وراء التهجين، أو تكتلات بيلمر الهوسية للأعضاء الجنسية، محرران بشكل عجيب في رفضهما معالجة «الأنوثة» الأساسية بشكل مثالي، وإقرارهما بأن التمثيل بأي حال من الأحوال غير طبيعي جوهريا. ومع ذلك، سارع المعارضون النسويون لكراوس بمعارضة هذا الرأي قائلين إن الارتباط بالدهاء وسعة الحيلة لا يحرر المرأة بضرورة الحال. علاوة على ذلك، تقترح سوزان روبين سليمان أن تشديد كراوس على الفتيشية قائم بحد ذاته على فرضيات أبوية بقدر ما تنطوي الفتيشية - بلغة فرويد - على حجب اللاوعي الذكوري احتمالية الإخصاء الأنثوي، من خلال استبدال الأغراض الموحية بالقضيب الأمومي؛ وهكذا ترك منطق القضيب في محله دون مساس ؛ ويترتب منطقيا على ذلك أن السريالية لا محالة تدعم نظاما رمزيا ذكوريا، وأنه من العقيم، في سياق سياسات الجنس، أن ترضى النساء بالبنى الذكورية للتمثيل.
لا شك أن الفنانات السرياليات تحدين الأفكار الثابتة المتعلقة بالجنس، ومن أبرز الشخصيات في هذا السياق كلود كاهون. ولدت كلود كاهون في مدينة نانت بفرنسا، واسمها الحقيقي لوسي شووب، واتخذت لنفسها اسما مستعارا لتعزيز الغموض الجنسي الذي عادة ما مثل موضوعا للصور الفوتوغرافية الذاتية الثاقبة التي أنتجتها في العشرينيات والثلاثينيات؛ وقد خدع ذلك الغموض المؤرخين لعدة سنوات، ولا يبدو أن كاهون اندرجت حتى ضمن فهرس كتاب ويتني شادويك «الفنانات والحركة السريالية» (1985)، وكان عليها الانتظار حتى أواخر الثمانينيات ليعاد اكتشافها. وتظهر كاهون في صورها بعدة هيئات مقنعة - بداية من الرياضي الممارس لكمال الأجسام وانتهاء بدمية يابانية - بحيث تصبح أنوثتها شيئا «مبنيا» بوضوح؛ وفي واحدة من صورها الذاتية (شكل
5-1 )، تلمح هيئتها الرجولية بشكل صارخ إلى مثليتها الجنسية بوضوح. وإذ كانت على دراية بأن النساء في التمثيلات البصرية عادة ما يكن موضوع النظرة (الذكورية) المتفرسة، نراها تواجه نظرتنا وجها لوجه، وفي تلك الأثناء، نرى صورتها المعكوسة على المرآة تحدق في مكان آخر.
ناپیژندل شوی مخ