دادایستي او سوریالیزم: یوه لنډه معرفي
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
ومن المهم التأكيد على أن الخيمياء بالنسبة إلى السرياليين كانت تعبق بنظرة عالمية خاصة تنتمي للعصور الوسطى المتأخرة ، وكانت لها ارتباطات قليلة بالجانب الغامض والغريب الذي تتسم به في الخيال الشعبي. وبصفة عامة، كان لدى السرياليين اهتمام محدود بالأشياء الفائقة للطبيعة، وخاصة بقدر ما كانت ترتبط بتقاليع القرن التاسع عشر مثل الروحانية. بذل بريتون جهودا مضنية لبيان أن حالات الغشوة التي غشيت السرياليين خلال مرحلة «غموض الحركة» لم تكن لها علاقة بالتواصل مع الموتى. وقد أكد والتر بنيامين أبرز نقاد السريالية أن ما لفت انتباه السرياليين كان «التنوير الدنس» الذي يمكن الحصول عليه من الوجود المادي بدلا من أي رجوع والتجاء للدين أو «الماوراء»، أو إلى العقاقير أيضا، وينبغي أن نضع نصب أعيننا أن الاهتمامات السريالية كثيرا ما كان يتوجب أن توافق الماركسية.
وعلى الرغم من ذلك، فإننا نعلم أن بريتون كان مفتونا في فترة مبكرة بفكر الكاتب الفرنسي بالقرن التاسع عشر إليفاس ليفي المتعلق بالسحر، ولو أن ليفي نفسه كان ماديا ومكرسا للمصالحة بين الروح والمادة. ويرجع بنا ذلك إلى الفهم السريالي للخيمياء؛ فمن ناحية، كانت الجماعة منجذبة إلى الغرابة المحضة للنقوش المستغلقة القديمة المشيرة مجازيا إلى المضمون الروحاني للعمليات المادية للخيمياء، وتدين الصور الإيضاحية لماكس إرنست، التي أوردها في «روايات الكولاج» التي أنتجها في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات؛ بالكثير لتلك السوابق. ومن ناحية أخرى، تنبأ السرياليون بالطريقة المعقدة التي سيفسر بها العالم النفساني كارل يونج الخيمياء في كتابه الصادر عام 1944 «علم النفس والخيمياء». هنا ذهب يونج إلى أنه بينما شددت المسيحية على الخلاص من الخطيئة؛ مما يوحي ضمنا بالشك في الجسد، استخدم المستغلقون المجاز الخيميائي كشكل من التعليق على المسيحية، فأكدوا على المصالحة ما بين المادة والروح عبر الجمع والتأليف بين المبادئ الذكورية والأنثوية في الرمز الخنثوي؛ والواضح أن كل ذلك يناظر الهجوم الكلي للسرياليين على المذهب الكاثوليكي، وليس من العجب أن فكرة الخنثى وجدت لها صدى كبيرا في فنهم وكتاباتهم. ولكن، ينبغي أن نستدعي مقالة جورج باتاي السالف مناقشتها في القسم السابق حيث يخلق المزج ما بين الأضداد بشاعة لا مصالحة؛ كان هذا الوجه الآخر للميتافيزيقا السريالية.
لو أن الخيمياء استدعت نظرة عالمية فلسفية بديلة، فإن ثمة فرعا مهما من الفن السريالي تعامل مع تقويض الفئات التي تم بها تنظيم المعرفة نفسها في عالم ما بعد التنوير. في هذا الصدد، كان السرياليون خصيصى مهتمين بتقليد القرنين السادس عشر والسابع عشر المعروف باسم «خزائن الفضول»؛ في إطار حدودها، قدمت هذه الخزائن أنماطا بديلة لترتيب وتصنيف الأشياء، سواء المصنوعة أم الطبيعية، للأنماط المعمول بها في المتاحف التي ستحل محلها في نهاية المطاف. كانت الأسبقية والأولوية لمبادئ التناظر أو التداعي الغريب الأطوار للمعاني على مبادئ الأجناس والنوع. بحث السرياليون الأنظمة التصنيفية البديلة في العديد من السياقات؛ فمجموعاتهم الفنية الشخصية نزعت إلى أن ترتب بحيث تكون اللوحات - كلوحات دالي أو دي شيريكو مثلا - على المستوى نفسه للأغراض الطبيعية الغريبة أو المصنوعات اليدوية «البدائية». ومن المنطلق نفسه، أنتج دالي «غرضا سرياليا» عام 1936 قوامه طبق من الأغراض، بما في ذلك حذاء والعديد من المعجنات المزخرفة، وزخارف صغيرة لزوج يمارسان الجنس، تم تجميعها بجهود مضنية استنادا إلى منطق فتيشي شخصي، وكرس جوزيف كورنيل - وهو الإضافة الأمريكية المتأخرة نوعا ما لحركة السريالية - مشواره كله لإنتاج صناديق مفتوحة، لا تتجاوز أبعادها عادة 18 × 12 بوصة مربعة، وقد استدعت الأنابيب الصلصالية، والجرار الصيدلانية، وخرائط النجوم التي تحويها تلك الصناديق عالما مصغرا من حلم اليقظة.
يمكن تحديث هذا الجانب من السريالية بعض الشيء بالنظر في الصورة الصارخة ليان سفانكماير، متخصص الرسوم المتحركة والمخرج الوارد ذكره في الفصل الأخير، الذي يمارس شكلا معقدا متأخرا من السريالية. في أوائل السبعينيات، أنتج سفانكماير سلسلة كبيرة من الأعمال الفنية بالخدش تحت العنوان الجمعي «علم الطبيعة»، وفيها اقترنت أقسام من صور لحيوانات وهياكلها العظمية معا بغية إنتاج أشكال هجينة مزعجة. ثمة ولاء مقصود هنا لماكس إرنست، الذي نشر محفظة من الأعمال الفنية بتقنية الحك تحت عنوان «التاريخ الطبيعي»، لكن سفانكماير يعيد إحياء إرث إرنست. أنتج سفانكماير أيضا ملاحظات علمية زائفة لترافق تصنيفاته الشاذة. في حالة «أوديب لاعق القضيب» (شكل
4-2 )، نتعرف على جنس حيواني أسترالي وحشي، تضع أنثاه بيضا يخرج منه الذكور بكسر قشرة البيض بقضبانها، وتباشر الأم لعق قضبان مواليدها الذكور، فتبتلع منيها لتخصيب المزيد من البيض، بعد ذلك تخصي الأم أولادها بأن تطبق فكها على قضبان ذكورها، فتضمن بذلك أن يكون كل البالغين «إناثا» فعليا.
شكل 4-2: يان سفانكماير، علم الطبيعة، عمل فني بتقنية الخدش، 1973.
تتسق الدعابة السوداء المعنية هنا والتلاعب المتعمد بالأفكار التحليلية النفسية بالكامل مع السريالية السائدة، لكن الخلط الشاذ لسفانكماير للبيانات الطبيعية يرتبط بشكل أساسي وبدقة شديدة بهويته كفنان محصور بالتقليد السريالي التشيكي. كانت مدينة براج موطنا لأكبر خزائن فضول على الإطلاق في أواخر القرن السادس عشر، وتنسب إلى الإمبراطور رودولف الثاني، وتلتفت أعمال سفانكماير بشكل ساخر إلى أعاجيب هذه المجموعة. ينم ذلك بدوره عن شيء خاص بالطريقة التي تنشأ بها منظومة معرفية بديلة حتما من جذور «محلية» بدلا من الجذور «العالمية»، وتعلق أيضا بشكل غير مباشر على الفرضيات المسبقة للفكرة المتمركزة في باريس عن السريالية، وهي الفكرة التي يتردد صداها في الخطاب السريالي عن الكولونيالية التي عملت، خلال الثلاثينيات والأربعينيات، على تلطيف النزعات المناصرة للفرنسيين.
على الرغم من إبداعات أنشطة الهدم السريالية للتصنيف، يجوز التأكيد على أنهم ما برحوا يتحركون وفق قواعد التقاليد الفكرية الغربية؛ وفي مقابل ذلك، كانت هناك انتكاسة رجعية إلى «البدائي»، في كل من الدادائية والسريالية، يمكن النظر إليها باعتبارها مقاومة للفرضيات الغربية المسبقة عن الطبيعة البشرية بشكل مباشر بدرجة أكبر. ويعود بنا ذلك مجددا إلى التيار اللاإنساني في فكر باتاي؛ وتحديدا اهتمامه بمعارضة كل ما لا يندمج بشكل جذري مع العادات المثالية للفكر الغربي، ولكن سنؤجل هذه المناقشة حتى الفصل التالي. ما يتجلى لنا مما ورد أعلاه هو معرفة إلى أي حد وظف الدادائيون والسرياليون النماذج الصوفية والمستغلقة للفكر من أجل الطعن في الازدواجية الغربية من الداخل؛ إن ما سعوا إليه، كما أكد السرياليون دوما، كان التحرر، لكن باتاي بلا شك كان من الممكن أن يذهب على سبيل المقاومة إلى أن هذا التحرر خدم الروح أو العقل. ماذا عن تصور الجسد؟
الجسدي والشهواني
في رسالته إلى أهل رومية (الإصحاح 7، الآيات 21-24) قال القديس بولس: «فإني أسر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن، ولكني أرى ناموسا آخر في أعضائي ... يسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي.» إن هذا النوع من التشويه الديني للجسد جلب معه «انتكاسة عنيفة إلى المكبوت» في الفن الدادائي والسريالي؛ على سبيل المثال: في مارس 1920، وتحديدا في الأيام الأولى لدادائية باريس، نشر فرانسيس بيكابيا صورة طبق الأصل من طرطشة حبر، وأسماها «العذراء المقدسة»، في دوريته «391». وبعيدا عن كون هذا العمل مثالا على عملية المصادفة التي كانت «تجريدية» أيضا، شأنها شأن أعمال الكولاج السابقة لآرب في زيوريخ؛ كان لرتوش الحبر الدادائية مضامين تجديفية. بحسب المذهب الكاثوليكي، لم تعش العذراء المقدسة تجربة «المتعة التناسلية»؛ إذ أنجبت المسيح وظلت فعليا «بكرا». وما أوحت به طرطشة الحبر التي قدمها بيكابيا أكثر من أي شيء آخر، كان النتيجة الفعلية البشعة لعملية فض البكارة البشرية.
ناپیژندل شوی مخ