دادایستي او سوریالیزم: یوه لنډه معرفي
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
3-6 ). ومثلما انطوى جنون الارتياب السريري على إعادة تفسير قهرية للظواهر الخارجية، ملأ دالي لوحاته المرسومة على القماش في الثلاثينيات بصور مزدوجة مبتكرة ببراعة، وبذلك، كما قال حرفيا، فإنه «ينزع الثقة عن الواقع». ولكن، في نهاية المطاف، مالت تلك الأدوات إلى التصنع والتكلف، وبينما استقطب دالي حتما رعاة أثرياء، أمثال جامع التحف الإنجليزي إدوراد جيمس، تراجعت قدرته على الابتكار، وأمسى دالي «الساعي وراء المال»، بحسب الاسم الشهير الذي ابتكره بريتون بعد أن أعاد ترتيب أحرف اسم دالي.
انتهى المطاف بالرسم باعتباره وتر أخيل السريالية؛ فقد كان هناك عيبان يشوبانه؛ ففي شكله العفوي كان يتألف من اشتراطاته المسبقة الجمالية جدا؛ وفي أكثر أشكاله واقعية من الناحية الأكاديمية، يمكن أن ينظر إليه باعتباره حليفا للذوق البرجوازي. ويزعم أن السيناريوهات «السريالية» بشكل مثقل - للفنان الفرنسي بيير روي، أو البلجيكي بول ديلفو، على سبيل المثال - لا تتجاوز بكثير كونها جزءا من النزعة الأكاديمية.
التصوير الفوتوغرافي
إذا أخفق الرسم في مضاهاة الطموحات السريالية، فحري بنا أن نقارن ما بين حظوظه وحظوظ «التصوير الفوتوغرافي المباشر» (تمييزا له عن التجميع الصوري). في هذا الكتاب، نزعت إلى توظيف التصوير الفوتوغرافي، مثلما فعل السرياليون، لتوثيق آرائهم، وبالقدر نفسه للتأكيد على مكانته الخاصة كشكل من أشكال الفن؛ ولكن يمكن بسهولة التأكيد على أن هذا الفن مثل الوسط السريالي بامتياز. إن حقيقة كون التصوير الفوتوغرافي وسطا ميكانيكيا، اقتضت بحد ذاتها أنه يمثل «أداة تسجيل متواضعة» - إن شئنا استدعاء وصف بريتون للشعراء السرياليين - مؤهلة بشكل متفرد لنقل السريالية المدمجة في الواقع بشكل عفوي. من المهم أن نتذكر أن نموذج بريتون، الوارد في «البيان الثاني للسريالية»، كان دوما مزيجا بين الواقعي والسريالي، على العكس من دالي الذي سعى، بحسب ما جاء على لسانه، إلى «تنظيم الارتباك منهجيا».
إن التصوير الفوتوغرافي سريالي في جوهره، وكما قالت سوزان سونتاج: «تكمن السريالية في قلب مشروع التصوير الفوتوغرافي، وتحديدا في خلق عالم مزدوج، وحقيقة من الدرجة الثانية، أضيق أفقا ولكن أكثر دراماتيكية من المنظورة بالعين المجردة.» فالكاميرا كثيرا ما تلتقط تفاصيل عجيبة بمحض المصادفة، فتجعلنا على دراية بغرابة المألوف، وبالتأكيد استغل السرياليون ذلك؛ فقد طلب بريتون، على سبيل المثال، من المصور الفوتوغرافي جيه إيه بوفارد إنتاج صور فوتوغرافية لمواقع باريسية مملة ظاهريا لروايته «ناديا»، وكما قلنا سابقا، كانت تلك الرواية تحكي قصة حب تحفل فيها مشاعر العاشقين - فضلا عن الجنون المبدئي لناديا - باكتشافات عارضة من أشياء يومية.
لا شك أن السريالية كان لها نصيب من التصوير الفوتوغرافي «الفني» المعد له مسبقا؛ ثمة مثال بارز لذلك، هو تجهيزات الاستوديو المبتكرة ل «مان راي» الدادائي السابق بجماعة نيويورك - الذي انجذب إلى باريس، شأنه شأن ماكس إرنست - لحظة ميلاد السريالية تحديدا؛ فقد جلب مان راي أثر مهارات الاستوديو الرائعة إلى صور مغرية ومؤلفة تأليفا كلاسيكيا وشديدة الفيتشية لجسد المرأة (شكل
4-3 ). كان التلاعب الصوري الفوتوغرافي أيضا يمارس على نطاق واسع، ومرة أخرى نجد أن مان راي يمثل أهمية قصوى ب «صوره المساحية الضوئية»، التي توضع فيها الأغراض على ورق فوتوغرافي في غرفة مظلمة، ويتم جمع الأغراض الجاري تعريضها للضوء، بحيث تترك الأشكال «السلبية» بشكل شبحي في الخلفية؛ و«عمليات التشميس» التي كان يتم فيها إضاءة الغرفة المظلمة لفترة وجيزة أثناء عملية التظهير؛ مما يؤدي إلى ظهور هالة من الضوء تحيط بحدود الصور التي تم تصويرها.
امتد التلاعب الصوري أيضا إلى عمليات كالتعريض المزدوج والتراكب أو مزج الصور السلبية بغية إنتاج صور مشقوقة داخليا و«مزدوجة»، وقد اعتبرت مؤرخة الفن روزاليند كراوس هذه العمليات وأمثالها، التي قام بها مان راي أو المصور الفرنسي موريس تابارد، مناسبة بشكل عجيب للسريالية؛ من الواضح أنها توحي بأن الواقع الذي تسجله الطبيعة الميكانيكية للتصوير الفوتوغرافي بشكل متكلف فيه غير مستقر في جوهره، بل هو مجموعة من الإشارات القابلة للتنقل، شأنها شأن النص، وهذه النقطة قد تذكرنا مجددا بالأساس الشعري للجماليات الدادائية/السريالية. ولكن، على الرغم من رأي كراوس، فإنه عندما يكون التصوير الفوتوغرافي على أقل تقدير «متطفلا على الفن» بوعي ذاتي، كما ألمحنا آنفا، فلربما يعتبر سرياليا على نحو أصيل. فبينما كان الرسم السريالي يبدو ممتثلا للتقاليد بعض الشيء مقارنة بالكولاج والتجميع الصوري للدادائيين، فإن التصوير الفوتوغرافي يتجلى باعتباره وسطا سرياليا «عفويا» بشكل بارز، وبينما كان للرسم السريالي إرث محبط نسبيا، على الأقل في الدول الأوروبية التي نشأ فيها؛ حيث أنتج جحافل من المقلدين وقليلا من الوارثين الفعليين، فقد كان بعض أبرز الشخصيات في عالم التصوير الفوتوغرافي في منتصف القرن العشرين - وعلى رأسهم: هنري كارتييه-بريسون، وبراساي، وبيل براندت، وأندريه كيرتيز - متأثرا قطعا بالسريالية.
الأعمال الفنية الجاهزة في مقابل الأغراض
ربما وجد الرسم بعض المعاناة عند مقارنته بالتصوير الفوتوغرافي داخل السريالية، ولكنه صمد على الأقل. وفي المقابل، لعب فن النحت بمعناه التقليدي دورا متواضعا في كل من الدادائية والسريالية، واغتصب مكانه ضرب جديد من الإنتاج الثلاثي الأبعاد؛ ألا وهو الأغراض العادية المسبقة الصنع، ويعد مارسيل دوشامب وأعماله الفنية الجاهزة نقطة الانطلاق التاريخية هنا. سبق أن ناقشنا أشهر هذه الأعمال، ألا وهو «النافورة»، التي أنتجها في نيويورك عام 1917، لكنها لم تكن أول الأغراض المسبقة الصنع (ومن ثم جاءت تسمية «الأعمال الجاهزة») التي ينسبها دوشامب لنفسه. كان ذاك الغرض هو «دولاب الدراجة الهوائية» عام 1913، وقد أنتجه في باريس قبل انتقاله مباشرة إلى أمريكا، وكان في الواقع مزيجا من غرضين: دولاب والشوكة الأمامية لدراجة هوائية ومقعد خشبي. وقد وضع الدولاب والشوكة داخل المقعد رأسا على عقب لخلق «منحوتة» قابلة للحركة على «قاعدة».
ناپیژندل شوی مخ