دادایستي او سوریالیزم: یوه لنډه معرفي
الدادائية والسريالية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
وإذ ما زلنا نتحدث عن الفن البصري للدادائية والسريالية، يجدر بنا أن نرسخ المزيد من الفروق بين الحركتين فيما يختص بمنهجهما تجاه الوسائط والأساليب الفنية. يمكن عقد مقارنة مبدئية بالعودة إلى ماكس إرنست الذي أقام جسرا بين الحركتين على أي حال، وكذلك بالنقلة التي أقدم عليها من الاستخدام الدادائي للكولاج إلى نمط رسم سريالي بشكل مميز.
في عام 1921، ونزولا على دعوة دادائيي باريس الذين كانوا على دراية بأنشطته في كولونيا، أقام إرنست معرضا للوحات الكولاج خاصته بمعرض «أو سان باريل» في باريس. كان المعرض وحيا للباريسيين، وإذا كانت «الحقول المغناطيسية» لبريتون وسوبول قد بشرت بالسريالية النصية، فقد بشر هذا المعرض بالسريالية البصرية، وسرعان ما انضم إرنست إلى المجموعة وأنتج أعمالا فنية - مثل «التدلاكات» السابق ذكرها - اتسقت مع نظرياتهم.
فما سر أهمية أعمال الكولاج الدادائية لإرنست إذن؟ كان الكولاج راسخا بالفعل كأسلوب طليعي آنذاك؛ إذ استخدمت قطع من مشمع الأرضية وورق الحائط وما شابه ذلك، في لوحات بيكاسو وبراك في الفترة ما بين 1912 و1914، في المرحلة المسماة «التجميعية» من الحركة التكعيبية، وإلى حد كبير قد استخدمت بهدف إعادة إدخال تلميحات طريفة للعالم الحقيقي في لوحاتهم التجريدية بشكل متزايد. لكن إرنست جمع قصاصاته الصورية من شذرات لصور يمكن تمييزها؛ حيث جاور ما بين أجزاء من صفحات موسوعة وأدلة تجارية مصورة وأطروحات تشريحية وصور فوتوغرافية؛ بغية إنتاج وقائع نقيضة مزعجة. في العمل الفني «المحادثة المقدسة» الصادر عام 1921 على سبيل المثال، وضعت صور الطيور والقصاصات المستخلصة من الرسوم البيانية التشريحية، مع صور فوتوغرافية في فضاء صوري شبه مبهم. وإذ تشير ضمنا في عنوانها لأيقونة دينية - ألا وهي الفكرة التقليدية للسيدة العذراء والطفل، ويحيط بهما القديسون - تستدعي لوحة «المحادثة المقدسة» بطريقة فيها تجديف فكرة الحبل بلا دنس، بواسطة تصوير حمامة تعترش «رحما» على شكل حوض ينتمي للقوام الأساسي للمرأة الموجودة في الصورة.
فور أن انتقل إلى باريس، في ذروة «الحركة الغامضة»، طفق إرنست يترجم الكولاج إلى اصطلاحات تصويرية، وفي عام 1919، افتتن بشدة بصور لأعمال الرسام الإيطالي جورجيو دي شيريكو. خلال فترة خصبة في باريس فيما بين عامي 1911 و1915، طور دي شيريكو نمطا «ميتافيزيقيا» للرسم تخيل فيه الميادين الإيطالية المهجورة وقت الأصيل وثمة ضوء غير أرضي يكسوها، فتلقي التماثيل بظلال حزينة طويلة. إن الأسلوب الطفولي الطابع الذي رسم به شيريكو تلك الرؤى، والذي انطوى على استخدام منظورات متراجعة بشكل مثير للارتباك، والإحاطة المحكمة بالأشكال المرسومة أفقيا بخطوط سوداء، أتاح لإرنست المفردات الصورية التي استطاع بها إعادة تجسيد التجاورات المذهلة لتجميعاته الصورية. تحت تأثير دي شيريكو، أثمرت الإلماحات شبه المبهمة في أعمال كولاج بعينها اقتراحات بكون نفسي ملموس، وأمست سلسلة اللوحات التي أنتجها إرنست ما بين عامي 1922 و1924 - بما في ذلك «أوديب ملكا»، و«لن نعرف شيئا عن هؤلاء الرجال»، و«بييتا» (شكل
1-3 ) - ركائز للسريالية البصرية.
شكل 3-3: ماكس إرنست، «المحادثة المقدسة»، كولاج، 1921.
ولكن، يزعم أنه بترجمة كولاج الدادائية إلى مفردات الرسم السريالي، وجد أن ذلك الكولاج خضع لعملية مناظرة لتلك التي تعرضت لها المصادفة الدادائية؛ إذ تم ضمها للعفوية. وإذ وظفه إرنست في كولونيا، فقد استدعى الكولاج عالما كان معاديا بشدة للسيطرة البشرية؛ أنظمة كاملة للأفكار ولأساليب التمثيل بدت متعارضة. ولكن عندما كتب بريتون عن أعمال الكولاج لإرنست في الدليل المصور الخاص بمعرض «أو سان باريل» عام 1921، ربط الأسلوب بالشاعرية السريالية البدائية، موظفا مجازه المفضل الخاص بالشرارة المتولدة بفعل التقاء الوقائع المنفصلة للتأكيد على آثار إرنست. ولما أقدم إرنست على رسم لوحاته «السريالية» بالكامل في أوائل العشرينيات، تحت رعاية بريتون جزئيا، عاد إلى توظيف أسلوب - وهو الرسم بالزيت - حظره الدادائيون فعليا لما يحمله من مضامين النخبوية والتقليد.
التجميع الصوري في مقابل الرسم
يمكن تعزيز هذا الإحساس بتخفيف المبادئ الدادائية من خلال مقارنة أسلوب دادائي آخر، ألا وهو التجميع الصوري (المونتاج الفوتوغرافي) بالرسم السريالي. كان التجميع الصوري الابتكار البصري البارز لدادائية برلين، وقد زعمت جماعتا برلين، جماعة هاوسمن-هوخ وجماعة جروتس- هيرتسفيلده-هارتفيلد، أنهما «اكتشفتا» هذا الأسلوب؛ لكن لا ينبغي أن تعوقنا مثل هذه المشاحنات هنا. من المهم، على الرغم من ذلك، أن نميز في عجالة ما بين التجميعات الصورية لجماعة برلين، وبين قصاصات الصور (الكولاج) لإرنست التي وصفناها في القسم الأخير. نادرا ما استخدم إرنست إشارات اجتماعية صريحة؛ فقد أوحت أعماله بصدامات لا عقلانية بين الأفكار أو الأنظمة الفكرية، وتحقيقا لهذه الغاية قلل من شأن الطبيعة المادية لمواده؛ حيث أعاد تصوير تجميعاته الصورية فوتوغرافيا بغية خلق أثر سلس. وفي المقابل، كان التجميع الصوري البرليني مسيسا إلى حد كبير؛ حيث إن فعل قص الصور من الصحف والمجلات وإعادة المزج بينها، كان يحمل في حد ذاته دلالات تنم عن شق نسيج الواقع الاجتماعي. لقد جعل التجميع الصوري البرليني عملية إنشاء الصورة الفعلية - الطبيعة المتشظية لأجزاء الصورة، وتنافراتها فيما يتعلق بالتدرج الفوتوغرافي ... إلخ - تتجلى في العمل النهائي. يمكن أن نرى ذلك في صورة «عروسان برجوازيان - شجار» لهانا هوخ عام 1919؛ حيث يصير المحتوى الساخر للصورة - وهي عبارة عن محاكاة ساخرة للزواج البرجوازي، يخوض فيها زوجان صبيانيان مجهزان بعتاد رياضي غمار صدماتهما الخاصة بين أحدث الأجهزة المنزلية - تاليا في الأهمية للإحساس بأن هذه ما برحت شذرات مقتطعة من مادة مطبوعة.
بالتحول إلى الرسم السريالي، من الواضح أنه كأسلوب «توقيعي» - وبتعبير آخر: كأسلوب تشي فيه الخطوط والعلامات التي يصنعها الفنان بريشته ب «لمسته» - يكاد يكون من المستحيل القول بأن الرسم يشير إلى التفاعل أو التبادل الاجتماعي على غرار التجميع الصوري البرليني. وبينما تكلم هاوسمن في برلين ذات مرة عن زملائه الفنانين باعتبارهم «خبراء تجميع صور»، حيث درجوا على مواءمة صورهم معا شأنهم شأن البنائين؛ تحدث الرسم السريالي في المقابل عن الخيال الفردي وعبقرية الفنان. لقد افتقر في جوهره إلى الصبغة السياسية الدادائية.
ناپیژندل شوی مخ