257

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

الحكم» «1»، ثم قال: «لعن الله الراشي والمترشي» «2»، قيل: «إن ترش لتدفع عن دينك ودمك ومالك فليس بحرام عليك» «3»، قال ابن مسعود: «إنما الإثم على القابض دون الدافع» «4» (فإن جاؤك) أي إن جاءك أهل الكتاب واحتكموا إليك إذا خاصموا بينهم فأنت بالخيار إن شئت (فاحكم بينهم) وإن شئت لا تحكم بينهم، وهو معنى قوله (أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم) أي عن الحكم بينهم (فلن يضروك شيئا) مصدر، أي ضررا بالإعراض عنهم وإن شق ذلك عليهم، لأنهم لا يتحاكمون إليك إلا لطلب الأيسر والأسهل كالجلد مكان الرجم، فاذا أعرضت عنهم وأبيت الحكم «5» لهم شق ذلك ويكرهوا إعراضك عنهم فعادوك «6»، ولكن الله يعصمك منهم «7» (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) أي بالعدل والاحتياط في الحكم (إن الله يحب المقسطين) [42] أي العادلين في الحكم، قيل: اختلف العلماء في الحكم في أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا، قال أكثرهم: الحكم بالخيار استدلالا بهذه الآية «8»، وقيل: «يرد إلى أهل دينهم إلا أن يأتوا راغبين في حكم الله» «9»، وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه «10»، وقيل: يجب الحكم بينهم ويجعل الآية منسوخة بقوله «وأن احكم بينهم بما أنزل الله» «11» كما يجيئ أما إذا تحاكم إلينا مسلم وذمي فيجب الحكم إجماعا، لأنه لا يجوز انقياد المسلم لحكم الكافر «12».

[سورة المائدة (5): آية 43]

وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (43)

قوله (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة) تعجيب من تحكيمهم للنبي الذي لا يؤمنون بكتابه، وهذا الحكم الذي هو مطلوبهم منصوص في كتابهم التورية الذي يدعون الإيمان به، و«كيف» في محل النصب حال من ضمير «يحكمونك»، والواو في «وعندهم» للحال، أي كيف يرضون بأن يجعلوك حكما لهم لتحكم بينهم ومعهم التورية (فيها حكم الله) الجملة حال من التورية، والعامل فيها ما في «عندهم» من معنى الفعل، قوله (ثم يتولون) عطف على قوله «يحكمونك»، أي ثم يعرضون (من بعد ذلك) الحكم الذي وافق حكم كتابهم (وما أولئك بالمؤمنين) [43] أي بالمصدقين لك في الحكم أو بما عندهم من الكتاب وهم يدعون الإيمان به، فهم كاذبون فيه.

[سورة المائدة (5): آية 44]

إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44)

(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى) من الضلالة (ونور) أي بيان للشرائع والأحكام كنعت النبي والرجم وغيرهما، والجملة الاسمية حال من «التوراة» (يحكم) أي يقضي (بها النبيون الذين أسلموا) أي دخلوا في ملة الإسلام وأخلصوا العمل والحكم بالتورية من لدن موسى إلى عيسى، وهم أربعة آلاف نبي أو أكثر، وهذا الوصف للمدح والتعريض باليهود الذين يعدلون عن ملة الإسلام التي هي دين الأنبياء كلهم في القديم

مخ ۲۷۶