253

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

(أن أكون مثل هذا الغراب فأواري) بالنصب عطفا «1» على «أن أكون» لا جوابا للاستفهام، إذ ليس المعنى:

لو عجزت لواريت، لأن ذلك يفيد معنى الشرط والجزاء كما قيل «2» في معنى أين بيتك فأزورك بالنصب لو عرفت لزرت وليس بمراد أي فأغطي (سوأة أخي) أي عورته (فأصبح) أي فصار (من النادمين) [31] على حمله حيث لم يدفنه حين قتله، قيل: «لو كانت ندامته على قتله لكانت الندامة توبة منه» «3»، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لما قتل ولد آدم عليه السلام وهو بمكة اشتاك الشجر وحمضت الفواكه، وقال: قد حدث في الأرض حدث فجاء قتل ابنه» «4»، روي: أن آدم لما سمع أن قابيل قتل أخاه دعا عليه فانخسفت به الأرض وتزوج شيث إقليما «5».

[سورة المائدة (5): آية 32]

من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون (32)

قوله (من أجل ذلك) «من» لابتداء الغاية يتعلق بقوله (كتبنا) أي بسبب ذلك القتل فرضنا (على بني إسرائيل) في التورية (أنه) أي الشأن (من قتل نفسا بغير نفس) أي بغير أن قتل نفسا، يعني ظلما (أو فساد) أي بغير فساد (في الأرض) والفساد فيها الشرك بالله، وقيل: هو قطع الطريق «6» (فكأنما قتل الناس جميعا) وشبه «7» قتل نفس واحدة بقتل الجميع تعظيما للنفس وترهيبا للقلوب عن الجسارة على قتلها وترغيبا في المحاماة على حرمتها، وكذلك «8» في قوله (ومن أحياها) أي من تورع عن قتلها وامتنع أو عفى عنه فخلاه (فكأنما أحيا الناس جميعا) في الأجر «9» شبه إحياء الواحد باحياء الجميع، لأن في حيوة نفس واحدة يكون منفعة لجميع الناس بدعاء الخير لهم، فاذا علم أن حكمه باحياء الواحد حكمه باحياء جميع الناس رغب في إحيائها كما إذا علم أن حكمه في قتل الواحد حكمه بقتل الجميع رهب عن الإقدام عليه، ثم قال (ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات) أي بالحجج الواضحة في بيان الحلال والحرام والظلم والعدل (ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك) البيان أو المكتوب عليهم (في الأرض لمسرفون) [32] أي لتاركون الأمر والنهي بالقتل وهتك المحارم.

[سورة المائدة (5): آية 33]

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (33)

قوله (إنما جزاء) مبتدأ، أي عقاب (الذين يحاربون الله) أي بترك «10» أمره (ورسوله) أي بمخالفة حكمه وسنته أو يحاربون أولياء الله وأولياء رسوله من المؤمنين، لأن محاربة المؤمنين كمحاربة الله ورسوله حكما (ويسعون في الأرض فسادا) علة للسعي أو للفساد أو حال بمعنى مفسدين فيها بالقتل وأخذ المال (أن يقتلوا) مع ما بعده من المعطوفات خبر المبتدأ، يعني جزاؤهم أن يقتلهم الإمام (أو يصلبوا) بحكمه، والصلب عند الشافعي رحمه الله أن يقتل ثم يصلب، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه أن يصلب حيا ثم يطعن حتى يموت (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) أي يقطع يد قاطع الطريق اليمنى ورجله اليسرى (أو ينفوا من الأرض) أي يطرد قاطع الطريق من بلد إلى بلد هاربا فزعا حتى يجد قرارا في موضع من الأرض فحيث أدرك أقيم عليه الحد عند الشافعي رحمه الله، والنفي عند أبي حنيفة رضي الله عنه الحبس، لأن المجوس ينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها فصار كأنه نفي عن الأرض، نزلت الآية في شأن قوم هلال بن عويمر، وكان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم

مخ ۲۷۲