247

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

[سورة المائدة (5): آية 14]

ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون (14)

وبعد ذكر اليهود نزل في النصارى لبيان قبح عملهم كاليهود «1» (ومن الذين قالوا إنا نصارى) جمع نصران من النصرة، أي قالوا ادعاء لنصرة «2» الله نحن أنصار الله (أخذنا ميثاقهم) أي عهدهم الموثق على التوحيد والإيمان بالأنبياء وفعل الخيرات كما أخذناه على اليهود (فنسوا حظا) أي تركوا نصيبا (مما ذكروا به) أي مما أمروا به في الإنجيل، يعني نقضوا العهد كما نقضوا اليهود (فأغرينا بينهم) أي ألزمنا بين فرق النصارى المختلفة (العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فكل فرقة تكفر الفرقة الأخرى، فيقع القتال بينهم بالأهواء المختلفة كالنسطورية القائلين بأن عيسى ابن الله واليعقوبية القائلين بأن عيسى هو الله والملكائية القائلين بأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلهم من النصارى (وسوف ينبئهم الله) في الآخرة (بما كانوا يصنعون) [14] من العمل الباطل والحق، وقيل:

إنما نشأ هذا الاختلاف بينهم بسبب رجل اسمه بولس ولم يكن منهم وكان يقاتل معهم، فقتل منهم خلقا كثيرا فغاب عنهم زمانا طويلا، ثم جاءهم وجعل نفسه أعور ليحتال بحيلة يلقي بينهم العداوة والقتال ليقتل بعضهم بعضا، فقال لهم: أتعرفوني «3»؟ قالوا: أنت الذي قتلت منا وفعلت ما فعلت، فقال: نعم قد فعلت ذلك ولكني الآن تائب عنه لأني رأيت عيسى ابن مريم في المنام، نزل من السماء فلطم وجهي لطمة وفقأ عيني، فقالوا:

أي شيء تريد منا؟ قال: أريد أن أكون معكم وأعلمكم شرائع دينكم كما علمني عيسى في المنام، فاتخذوا له غرفة فدخل فيها وفتح كوة إلى الناس، وكان يتعبد في الغرفة وربما كانوا يجتمعون ويسألونه من تلك الكوة فيجيبهم بما يعجبهم، فانقادوا كلهم له، وكانوا يقبلون بما يأمرهم به، فقال يوما: أليس الله خلق لكم ما في الأرض جميعا؟ قالوا : نعم، فقال: لم تحرمون الخمر والخنزير والميسر فانها منفعة لبني آدم، فأخذوا بقوله، ثم قال بعد مدة: من أي ناحية تطلع الشمس والقمر والنجوم؟ قالوا: من قبل المشرق، فقال: إن الله من قبل المشرق فصلوا إليه، فأخذوا بقوله، ثم دعا بطائفة منهم إلى داخل الكوة، فقال: جاءني عيسى الليلة، وقال:

رضيت عنك لأجل عملك فمسح يده على عيني فبرأت، فاعلموا أني أريد أن أجعل نفسي قربانا الليلة لأجل عيسى، فأخبركم بشيء تحفظون عني وتدعون «4» الناس إليه، ثم قال لهم: هل يستطيع أحد أن يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص إلا الله؟ فقالوا: لا، فقال: إن عيسى فعل هذه كلها، فاعلموا أنه هو الله، فخرجوا من عنده، ثم دعا بثانية وأخبرهم بمثل ذلك، وقال: إنه ابن الله، ثم بثالثة، وأخبرهم بأنه ثالث ثلاثة، فقال للكل:

إني أريد أن أجعل نفسي قربانا لعيسى الليلة، ثم خرج في بعض الليل وغاب عنهم، فأصبحوا فجعل كل فريق منهم يقول إنه علمني كذا، والآخر يقول: أنت تكذب بل علمني كذا، فوقع بينهم قتال عظيم وبقيت العداوة إلى يوم القيامة «5».

[سورة المائدة (5): آية 15]

يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15)

قوله (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا) نزل في كتم اليهود والنصارى آية الرجم وتحريم الخمر وأكل الربوا ونعت النبي عليه السلام «6»، أي يا أهل التورية والإنجيل قد جاءكم الرسول منا محمد عليه السلام (يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون) أي تخفونه كنعت محمد عليه السلام وغيره (من الكتاب) في محل النصب على الحال من ضمير المفعول المحذوف في «تخفون»، أي كائنا من التورية والإنجيل (ويعفوا عن كثير) منه فلا يؤاخذكم على

مخ ۲۶۶