عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرونه
وعلى جنوبكم) ونصب الكل على الحال، أي قائمين وقاعدين ومضطجعين، وقيل: معناه صلوا لله في الأمن صلوة الصحيح قياما وصلوة المريض قعودا وصلوة شديد المريض المعجز على جنوبكم «1»، وقيل: معناه إذا شرعتم في الصلوة في حالة الخوف فصلوا لله محاربين بالسيف في الصلوة بالقيام وجاثمين على الركب للرمي بالقعود ومثخنين بالجراح على جنوبكم «2»، فالشافعي أوجب الصلوة على الخائف بكل حال، وأبو حنيفة يبطلها «3» بحالة القتال فاذا أمن قضاها، ثم قال (فإذا اطمأننتم) أي أمنتم من الخوف وأقمتم (فأقيموا الصلاة) أي أتموها أربعا (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) [103] أي فرضا مقدرا في وقتها فلا تؤخر عنه، وفيه دليل للشافعي على أنها واجبة في كل حال، فللمسافر ركعتان وللمقيم أربع، وإذا تأخرت عن وقتها بعذر الخوف أو غيره ثم زال عنه فعليه القضاء.
[سورة النساء (4): آية 104]
ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما (104)
قوله (ولا تهنوا في ابتغاء القوم) أي لا تضعفوا في طلب الكفار، نزل حين أصابت «4» المسلمين جراحات يوم أحد وكانوا يضعفون عن الخروج إلى الجهاد فأمرهم الله بأن يظهروا القوة والجد من أنفسهم، وهذا الخطاب يعم لهم ولجميع الغزاة إلى يوم القيامة «5»، ثم شجعهم على ذلك بقوله (إن تكونوا تألمون) أي تجدون ألم الجراحة (فإنهم) أي الكفار (يألمون) أي يجدون الألم (كما تألمون) ذلك، يعني إن الألم مشترك «6» بينكم وبينهم، ولكم زيادة ليست للكافرين لقوله تعالى (وترجون من الله ما لا يرجون) أي الكفار من الثواب في الآخرة، لأنهم لا يؤمنون بالبعث فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم مع أنكم أولى بالصبر منهم (وكان الله عليما) بما صدر منكم ومنهم (حكيما) [104] يحكم لكم بالثواب ولهم بالعقاب.
[سورة النساء (4): الآيات 105 الى 106]
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما (105) واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما (106)
قوله (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) أي القرآن بالعدل في الأحكام والحدود (لتحكم بين الناس بما أراك الله) أي بما علمك بالإلهام أو بالوحي إليك (ولا تكن للخائنين) في الأمانة، أي لأجلهم «7» (خصيما) [105] أي مخاصما معينا لهم، نزل حين سرق طعمة بن أبيرق، وكان منافقا شاعرا يهجو أصحاب النبي عليه السلام درعا من قتادة وكان جارا له من بني ظفر، وتركها عند زيد اليهودي، ثم حلف أنه ما سرق شيئا، فجاء قومه، وكانوا أهل لسان وبيان، فقالوا: إن قتادة وابن أخيه عمدوا إلى أهل بيت منا يتهمونهم بالسرقة، فوقع قولهم عند النبي عليه السلام موقعا، ثم ظهرت الدرع عند اليهودي، فأراد النبي عليه السلام أن يقطع يد اليهودي «8»، فبين الله تعالى خيانتهم بقوله «ولا تكن للخائنين خصيما» وهو طعمة وكل خائن.
(واستغفر الله) عند جدالك عن طعمة أو مما هممت من عقاب اليهودي (إن الله كان غفورا رحيما) [106] لمن تاب إليه واستغفره.
[سورة النساء (4): آية 107]
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما (107)
مخ ۲۳۶