215

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

عنهم (غفورا) [99] لذنوبهم فلا يعاقبهم، روي عن ابن عباس أن النبي عليه السلام قال يوم الفتح: «أنه لا هجرة بعد اليوم ولكن جهاد ونية» «1»، وإذا استنفرتم فانفروا، أي استخرجكم الإمام فاخرجوا.

[سورة النساء (4): آية 100]

ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما (100)

ثم قال تحريكا للهجرة لله تعالى (ومن يهاجر في سبيل الله) أي في دينه (يجد في الأرض مراغما) أي مهاجرا وملجأ على رغم أنف قومه، وقيل: متحولا من الكفر إلى الإيمان لغيظ «2» قومه الكفرة «3»، والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الأنف بالتراب وهو الرغام، أي مغايظا لهم (كثيرا وسعة) أي في الرزق، قوله (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله) نزل لما خرج جندب بن ضمرة من مكة حين قال والله لا أبيت الليلة بمكة، فاني لست من المستضعفين، وإني لأهتدي الطريق، وكان مريضا، فحمله «4» بنوه على سريره متوجها إلى المدينة، فمات بالنعيم، فقال «5» المشركون استهزاء ما أدرك هذا مطلوبه، فقال بعض المسلمين: لو وصل إلى المدينة لكان أتم أجرا «6»، فقال تعالى ومن يخرج من بيته وكان خروجه لله والرسول (ثم يدركه الموت) في الطريق، يعني قبل الوصول إلى ما هاجر إليه (فقد وقع) أي وجب (أجره على الله) بايجابه تعالى على نفسه وهو الجنة (وكان الله غفورا) لما كان فيه من الشرك قبل الخروج (رحيما) [100] له، أي بقبول توبته بنيته الخالصة في الخروج.

[سورة النساء (4): آية 101]

وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا (101)

ثم قال بيانا لأحكام السفر في سبيل الله (وإذا ضربتم) أي سافرتم (في الأرض) سفرا يبلغ مسيرة ليلتين متوسطتين بمشي الأقدام وسير الإبل عند الشافعي أو مسيرة ثلثة أيام بلياليهن عند أبي حنيفة رضي الله عنه (فليس عليكم جناح) أي إثم (أن تقصروا من الصلاة) أي بأن تردوها من أربع إلى اثنين، ولا يعتبر الإسراع ولا البطؤ في جواز القصر، فلو سافر مسيرة ثلثة أيام في يوم قصر وإن سافر مسيرة يوم في ثلثة أيام لم يقصر، وجعل بعض العلماء الخوف شرطا لجواز القصر بقوله (إن خفتم أن يفتنكم) أي يقتلهم أو يضركم بما تكرهون (الذين كفروا) والصحيح أنه ليس بشرط لما ثبت أن النبي عليه السلام سافر بين المدينة ومكة لا يخاف إلا الله وكان يصلي ركعتين، فالشافعي يقصر ويتم، لأن ظاهر الآية تخيير ورخصة لقوله «ليس عليكم جناح»، لكن القصر أفضل، لأن عائشة رضي الله عنها قالت: «أول ما فرضت الصلوة ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحضر» «7»، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه عزيمة لا يجوز غير القصر في السفر لقول الرسول عليه السلام لعمر حين سأله عن ذلك: «صدقة تصدق الله لكم فاقبلوا صدقته» «8» إلا أنه تعالى نفى الجناح في الآية، ونفي الجناح إنما يكون في الرخصة لا في العزيمة لما أنهم ألفوا بالإتمام، فكأنهم خطر ببالهم أن عليهم نقصا وإثما بسبب القصر، فنفى الجناح تطييبا لقلوبهم واطمئنانا إليه والقصر ثبت بنص الكتاب في حالة الخوف وإما في حالة الأمن «9» فبالسنة كما مر، ثم حذرهم عن الاعتداء بقوله (إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا) [101] أي ظاهر العداوة لا تغفلوا عنهم أينما كنتم.

مخ ۲۳۴