208

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

الشيطان وما كفروا، فالاستثناء على هذا من فاعل «لا تبعتم»، وقيل: يجوز أن يكون الاستثناء من فاعل «أذاعوا به»، أي أذاعوه «1» إلا قليلا لم يذعه، وهم المؤمنون «2».

[سورة النساء (4): آية 84]

فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا (84)

قوله (فقاتل في سبيل الله) عطف على قوله «وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله» «3»، نزل حين أراد الرسول عليه السلام أن يخرج إلى بدر الصغرى لحرب أبي سفيان فكره ذلك بعض المسلمين «4» فأمر الله نبيه بأن يخرج وإن كان وحده «5»، وقال (لا تكلف إلا نفسك) أي لا تكلف شيئا إلا أن تقدم «6» نفسك إلى الجهاد، فان الله ناصرك لا الجنود كما ينصرك وحولك الألوف (وحرض المؤمنين) على الجهاد (عسى الله أن يكف) أي يمنع (بأس الذين كفروا) أي شدتهم وحربهم (والله أشد بأسا) أي قوة من قريش (وأشد تنكيلا) [84] أي عقوبة في الآخرة من عقوبة الكفار في الدنيا، فخرج رسول الله بسبعين «7» راكبا ولو لم يخرجوا معه لخرج وحده امتثالا لأمر الله، فكف الله بأسهم بتخلف أبي سفيان عن الخروج إلى بدر الصغرى تلك السنة، لأنه تعالى قذف في قلبه الخوف من حرب النبي عليه السلام.

[سورة النساء (4): آية 85]

من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا (85)

ثم قال (من يشفع شفاعة حسنة) لدفع شر في الإسلام أو لطلب منفعة مع جوازها شرعا ويبتغي بها «8» وجه الله، وقيل: هي الإصلاح بين الناس «9» والسعي للتجاوز عن ذنب التائب فيما ليس بحد من حدود الله (يكن له نصيب) أي حظ (منها) أي من أجل الشفاعة الحسنة في الآخرة، قال عليه السلام: «إشفعوا إلي تؤجروا» «10»، قيل: «الشفاعة تجري أجرها لصاحبها ما جرت منفعتها» «11» (ومن يشفع شفاعة سيئة) أي قبيحة في الإسلام كظلم للغير بأخذ حق ومنع حق من حقوق الله أو من حقوق الناس بلا رضى منهم وأخذ رشوة في ذلك وغيره مما لا يجوز شرعا (يكن له كفل) أي شدة (منها) أي لأجل الشفاعة السيئة في الآخرة، واشتقاق الكفل من الكفل لمشقة الركوب عليه، ثم استعير للحمل على كل شدة، وقيل: معناه النصيب كقوله «يؤتكم كفلين من رحمته» «12»، وقيل: الشفاعة الحسنة هي الدعوة للمسلم بالخير، لأنها في معنى الشفاعة إلى الله «13»، والشفاعة السيئة هي الدعاء بالشر عليه ، قال عليه السلام: «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له» «14»، وقال له الملك ولك مثل ذلك (وكان الله على كل شيء مقيتا) [85] أي حافظا له بقوته واقتداره، لا يغفل عنه ولا يغيب.

[سورة النساء (4): آية 86]

وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا (86)

(وإذا حييتم بتحية) أي إذا أهدى إليكم بهدية فحيوا بأحسن منها) أي فأهدوا إلى صاحبها بأفضل منها (أو ردوها) أي كافؤها بمثلها، وهذا المعنى مروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه «15»، وأكثر المفسرين قالوا: معناه إذا

مخ ۲۲۷