عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرونه
وتركوا الكسب والتجارة (لا يستطيعون ضربا في الأرض) أي سيرا وسفرا للكسب والتجارة (يحسبهم الجاهل) بكسر السين وفتحها «1»، أي يظن «2» الجاهل بحالهم وشأنهم (أغنياء من التعفف) أي لأجل تعففهم من السؤال، وهو ترك الطلب ومنع النفس عن المراد بالتكلف استحياء «3» (تعرفهم بسيماهم) أي بعلامتهم التواضع وصفر الوجوه ورثاثة الحال من قيام الليل وصيام النهار والفقر (لا يسئلون الناس إلحافا) أي إلزاما وإلحاحا وهو مصدر منصوب بأنه مفعول له، ففيه نفي للسؤال والإلحاف جميعا، أي لا يسألون أصلا أو تقديره:
سؤال إلحاف فيكون مفعولا مطلقا من غير لفظه، ويكون معناه: أنهم سئلوا يسئلوا «4» بتلطف ولم يلحوا، قال عليه السلام: «لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيأتي بحزمة على ظهره فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أشياءهم، أعطوه أو منعوه» «5» (وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم) [273] فيجازيكم به، وفيه تحريض على التصدق للفقراء.
[سورة البقرة (2): آية 274]
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (274)
ثم زاد التحريض عليه بقوله (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) أي خفية وظاهرا (فلهم أجرهم) أي ثوابهم حاضر (عند ربهم ولا خوف عليهم) مما يستقبل (ولا هم يحزنون) [274] مما مضى، فيه حث على التصدق في كل الأوقات على كل الأحوال، قيل: نزل في شأن أبي بكر رضي الله عنه حيث تصدق عشرة آلاف دينار بالليل وعشرة آلاف بالنهار «6»، وقيل: في شأن علي رضي الله عنه حين نزل التحريض بالصدقة «7» وكان له أربعة دراهم فتصدق درهما بالليل ودرهما بالنهار ودرهما في سر «8» ودرهما بعلانية «9».
[سورة البقرة (2): آية 275]
الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (275)
(الذين يأكلون الربا) أي يعاملون به وخص ذكره بالأكل، لأنه أعظم المقاصد منه، والربوا الزيادة المطلقة في اللغة، وفي الشرع هو الفضل على المعيار الشرعي (لا يقومون) من قبورهم للبعث (إلا كما يقوم) أي إلا قياما «10» مثل قيام (الذي يتخبطه) أي يصرعه ويتخبله «11» (الشيطان من المس) أي الجنون متعلق بقوله «لا يقومون»، يعني لا يقومون للبعث من الجنون إلا كقيام المصروع المتخبل «12»، ويكون ذلك سيماهم يعرفون به عند أهل الموقف (ذلك) أي العذاب النازل بهم (بأنهم قالوا) أي بسبب قولهم (إنما البيع مثل الربا) فاستحلوا الربوا بذلك، وكان الرجل إذا حل أجله ماله طلبه فيقولون له المطلوب زدني في الأجل وأزيدك في مالك فيفعلان ذلك، فاذا قيل لهما هذا ربوا لا يجوز فعلكما ذلك، قالا: الزيادة في أول البيع كالزيادة في آخر البيع، وقيل: قالا الربوا والبيع سواء في الحل فأبطل الله قولهم بقوله «13» (وأحل الله البيع وحرم الربا) وهذا تصريح بأن النص يبطل القياس، لأنه جعل تحليل الله وتحريمه دليلا على بطلان قياسهم (فمن جاءه موعظة) أي من بلغه
مخ ۱۳۴