من فنون الأشعار والآثار
مما جمعه مولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام/ أبو الحسنين
مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي
أيده الله تعالى ونفع بعلومه آمين
منشورات
مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن - صعدة ت(511816)، ص ب(91064)
الطبعة الأولى
1421ه ، 2000م
تم الصف والإخراج بمركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن - صعدة ، ت(511816) ، ص ب (91064)
جميع الحقوق محفوظة لمركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة بسم الله الرحمن الرحيم
مخ ۱
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فاستجابة لقول الله سبحانه وتعالى: {ياأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}[الأنفال:24]ولقوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}، [آل عمران:104]ولقوله تعالى:{قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [الشورى:23]، ولقوله تعالى: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[الأحزاب:33]ولقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}[المائدة:55].
مخ ۲
ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى))، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء))،ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم:((من سره أن يحيا حياتي؛ ويموت مماتي؛ويسكن جنة عدن التي وعدني ربي؛فليتول عليا وذريته من بعدي؛ وليتول وليه؛وليقتد بأهل بيتي؛ فإنهم عترتي؛ خلقوا من طينتي؛ ورزقوا فهمي وعلمي ))الخبر- وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم علي؛ وفاطمة؛ والحسن والحسين وذريتهما عليهم السلام، عندما جللهم صلى الله عليه وآله وسلم بكساء وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) - .
مخ ۳
استجابة لذلك كله كان تأسيس مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة.ففي هذه المرحلة الحرجة من التاريخ ؛ التي يتلقى فيها مذهب أهل البيت(ع) ممثلا في الزيدية، أنواع الهجمات الشرسة من أعدائه الظاهرين ومن أدعيائه المندسين، رأينا المساهمة في نشر مذهب أهل البيت المطهرين صلوات الله عليهم عبر نشر ما خلفه أئمتهم الأطهار عليهم السلام وشيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، على أن نقدمها للقارئ الكريم نقية خالصة من الشوائب، لتصل العقيدة الصافية إليه سليمة خالية من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان، وما ذلك إلا لثقتنا وقناعتنا بأن العقائد التي حملها أهل البيت(ع) هي مراد الله تعالى في أرضه، ودينه القويم، وصراطه المستقيم، وهي تعبر عن نفسها عبر موافقتها للفطرة البشرية السليمة، ولما ورد في كتاب الله عز وجل وسنة نيبه صلى الله عليه وآله وسلم.
واستجابة من أهل البيت صلوات الله عليهم لأوامر الله تعالى، وشفقة منهم بأمة جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، كان منهم تعميد هذه العقائد وترسيخها بدمائهم الزكية الطاهرة على مرور الأزمان، وفي كل مكان، ومن تأمل التاريخ وجدهم قد ضحوا بكل غال ونفيس في سبيل الدفاع عنها وتثبيتها، ثائرين على العقائد الهدامة، منادين بالتوحيد والعدالة، توحيد الله عز وجل وتنزيهه سبحانه وتعالى، والإيمان بصدق وعده ووعيده، والرضا بخيرته من خلقه.
مخ ۴
ولأن مذهبهم صلوات الله عليهم دين الله تعالى وشرعه، ومراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإرثه، فهو باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وما ذلك إلا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:((إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
"واعلم أن الله جل جلاله لم يرتض لعباده كما علمت إلا دينا قويما، وصراطا مستقيما، وسبيلا واحدا، وطريقا قاسطا، وكفى بقوله عز وجل: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} [الأنعام:153].
وقد علمت أن دين الله لا يكون تابعا للأهواء: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض} [المؤمنون:71]، {فماذا بعد الحق إلا الضلال} [يونس:32]، {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [الشورى:21].
مخ ۵
وقد خاطب سيد رسله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله عز وجل: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير(112)ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون(113)} [هود:112113]، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من أهل بدر، فتدبر واعتبر إن كنت من ذوي الاعتبار، فإذا أحطت علما بذلك، وعقلت عن الله وعن رسوله ما ألزمك في تلك المسالك، علمت أنه يتحتم عليك عرفان الحق واتباعه، وموالاة أهله، والكون معهم، {ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة:119]، ومفارقة الباطل وأتباعه، ومباينتهم {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة:51]، {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} [المجادلة:22]، {ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [الممتحنة:1]، في آيات تتلى، وأخبار تملى، ولن تتمكن من معرفة الحق وأهله إلا بالإعتماد على حجج الله الواضحة، وبراهينه البينة اللائحة، التي هدى الخلق بها إلى الحق، غير معرج على هوى، ولا ملتفت إلى جدال ولا مراء، ولا مبال بمذهب، ولا محام عن منصب، {ياأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء:135]".
وهنا يتشرف مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة بتقديم مجموعة من كتب أهل البيت المطهرين عليهم السلام وكتب شيعتهم الأبرار رضي الله عنهم، ومنها هذا الكتاب الذي بين يديك.
وأخيرا يتوجه العاملون بمركز أهل البيت(ع) والمنتسبون إليه بالشكر والعرفان لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل، وفي مقدمتهم عالم العصر، شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى وأطال بقاه، سائلين الله عز وجل أن يجعله من الأعمال الخالصة المقبولة لديه، وأن يثبتنا على نهج محمد وآله محمد.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن- صعدة، ت(511816)، ص ب (91064) بسم الله الرحممن الرحيم
مخ ۷
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الطاهر الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وبعد..
لقد تعرض تراثنا الفكري الإسلامي لأسوأ أنواع الإهمال والضياع، لاسيما الكتب المخطوطة التي تعتبر أهم عوامل ربط الحاضر بالماضي، وفيها أفرغت عقول عباقرة الإبداع وسلاطين العلم، وسجلت فيها تجارب العظماء وخلاصة خبراتهم.
وقد شاركنا نحن المسلمين بفاعلية في ذلك الضياع والإهمال، بأسباب مختلفة، وكثيرا ماضاعت أو تلفت مخطوطات قيمة تحت شعارات الحفظ والصون.
وهنا يجدر بنا أن نتساءل كيف وصلت تلك الكميات الهائلة من المخطوطات إلى متاحف أوروبا، وما سر اهتمامهم بها ذلك الاهتمام ؟ ربما لأنهم عرفوا كيف يستفيدون منها، أو لأنها جزء من التاريخ الإنساني، ورب ضارة نافعة، فأولئك الذين لا نحسب أن لهم علاقة بهذه المخطوطات يشفقون عليها حتى من نسمة الريح وشدة الضوء، وقد سهلوا الاستفادة منها.
مخ ۸
وهذا الكتاب الذي بين يديك جزء من أعمال مولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي حفظه الله ومتعنا بطول بقائه، وذلك أنه لما ذهب إلى لندن للعلاج لم ينسه مرضه الهدف الذي يعيش من أجله، ولامنعته علته عن تصفح أسفار العلوم، لأنه - وكما هو معروف عنه - شفاء علته النظر في الكتب ، ومتعة حياته مداعبة أبكار المسائل ، فقضى وقته بين رفوف المكتبة العملاقة في المتحف البريطاني يتنقل بين أقسامها كالنحلة ليمتص رحيق أزهارها. ولعلو همته وشدة تثبته لم يكتف بالنظر أويعتمد على الحافظة بل استنسخ ما قدر عليه، وكان مما دون جملة من لطائف القصائد ودرر الأخبار والأشعار.
وبعد رجوعه بالسلامة إلى اليمن رأى أن يفرد كتابا يجمع فيه نبذة من تلك القصائد والأخبار، ويضيف إليها من مخزون علمه الجم مايزيدها نضارة وفائدة، ثم ضمنها هذا المجموع الذي سماه (عيون المختار من فنون الأشعار والآثار) فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، وأمده بالعافية وطول البقاء، إن ربي على مايشاء قدير.
وهذه نبذة من ترجمته وإشارة إلى بعض أحواله نرجوا أن تعرف به من بعد، ونأمل أن يعذرنا في الاختصار من قرب، فهو علم الأعلام، وعالم العلماء.
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا .
مخ ۹
ترجمة المؤلف:
كانت اليمن في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تمر بحالة عصيبة من الاضطرابات والفتن، فالأتراك قد بسطوا نفوذهم على مساحة شاسعة من البلاد، والمقاومة الشعبية لاتزال تستعر وتتلظى في كل مكان، والانتفاضات والثورات تتفجر في مختلف الجهات.
وكان من أبرز تلك الأحداث قيام الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي بالإمامة وبيعة الناس له سنة (1298 ه)، وكان مركز دعوته جبل برط ، حينها ارتحل العلماء الأعلام من مختلف المناطق إلى مقام الإمام المهدي ببرط، وكان ممن ارتحل إليه السيد العلامة الزكي محمد بن منصور بن أحمد المؤيدي قادما من بلده ضحيان صعدة، فلازم الإمام المهدي مدة وتزوج ابنته الشريفة الطاهرة أمة الله بنت الإمام المهدي.
وشاء الله أن يرزقهما الولد الصالح، ففي قرية (الرضمة) من جبل برط، وفي شهر شعبان سنة (1332 ه) أشرق صبح جديد بمولد مولانا السيد العلامة المجتهد النظار / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي في أسرة زكية طاهرة، وبيت علوي عريق يشع بنور العلم والإيمان.
مخ ۱۰
وقضى أيام طفولته وصباه في حجر الأبوين الطاهرين، يتغذى بالعلم والحكمة، ويتنقل في حلقات الدرس ومجالس العلماء، يطلب المعارف، وما أن بلغ سن المراهقة حتى صار العلماء يتوسمون فيه خصال الفضل والنبل، فحصل بذلك على الاهتمام البالغ والرعاية المميزة، وحين بلغ الثامنة والعشرين من عمره توفي والده وذلك سنة (1360ه)، فلم يكن ذلك المصاب ليوهن من عزمه أوينخر في صلابة إرادته، فاستمر في بناء شخصيته ولازم مجالس العلم وخالط الفضلاء، ومازال يكترع من علوم الأكابر ويأنس كل الأنس بتصفح أوراق الدفاتر، حتى حصل أنواع العلوم، وخاض في منطوقها والمفهوم، وكان من أبرز مشائخه:
والده السيد العلامة زاهد آل محمد وعابدهم محمد بن منصور المؤيدي.
والسيد العلامة نبراس آل محمد وحافظهم الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد الحوثي.
والسيد العلامة الحافظ المجتهد عبدالله بن الإمام الهادي الحسن القاسمي.
والسيد العلامة بدر آل محمد محمد بن إبراهيم المؤيدي الملقب بابن حوريه. وغيرهم من مشاهير أهل عصره.
ولم تمض عليه فترة وجيزة حتى صار فارسا في ميدان العلوم، وأصبح قبلة يقصد لحل المشكلات وكشف المعضلات، واستقر في صعدة يعلم الجاهل ويرشد الضال ويغيث الملهوف ويحسن إلى كل الناس.
وقد تميز بصفات خلقية كريمة فالشجاعة والحكمة والصدق والصبر والتواضع صفات مكينة فيه، يعرف ذلك من جلس بين يديه وحاوره.
مخ ۱۱
ولم يكن المؤلف أيده الله بمعزل عن الأحداث التي تعصف بالبلاد، فإنه لما قتل الإمام يحيى حميد الدين سنة (1948 م) واضطربت أمواج الفتن، كان له دور بارز في حقن الدماء وتسكين الدهماء، والحفاظ على السكينة العامة، والعمل على التعايش بسلام، وكذلك كان له نفس الدور عند قيام ثورة 26 سبتمبر عام (1962م).
ولم يتوقف أيده الله تعالى عن نشر المعارف وتدريس العلوم حتى في أحلك الظروف، فحلقات العلم قائمة والدروس مستمرة في سلم وحرب، وفي سفر وحضر.
وفي الستينات انتقل إلى نجران مع أسرته، وهنالك أحاط به طلاب العلم المتلهفون إلى سماع دروسه، فقام بدوره في نشر المعارف بعيدا عن وطنه، ثم انتقل إلى الطائف وهنالك أدى نفس الوظيفة، فما زال يتنقل بين نجران والطائف وجدة والرياض ومكة والمدينة وصنعاء وصعدة، وفي كل مكان يهطل على قلوب طلاب العلم كهطول الماء على الأكباد الظامئة.
وقد مد الله في عمره الشريف حتى أخذ عنه الآباء والأبناء والأحفاد.
وعلى الجملة فحياته مفعمة بالفضائل والأحداث، وهو المعروف بسعة الأفق وكرم الأخلاق والصبر والتواضع وإدامة النظر في الكتب والتتبع والبحث ، وهو اليوم في الثمانينات ولازال على وتيرة أيام الشباب، بحثا ومطالعة وإفتاء وتدريسا.
واستطاع أن يجدد كثيرا من الأساليب، ويوضح كثيرا من الرأى ، ويصحح كثيرا من المسائل الفقهية حتى أصبحت أنظاره محل احترام الجميع.
مخ ۱۲
وقد خلف لنا ميراثا ثقافيا في جوانب مهمة لايستغني عنها طلاب المعرفة فمن آثاره العلمية:
1 كتاب التحف شرح الزلف، في سير وتاريخ الأئمة، طبع ثلاث مرات.
2 كتاب لوامع الأنوار وجوامع العلوم والآثار، حديقة غناء في شتى المعارف. طبع في ثلاثة مجلدات.
3 الجامعة المهمة لأسانيد كتب الأئمة، طبع.
4 الجوابات المهمة، طبع.
5 عيون الفنون، طبع.
6 عيون المختار من فنون الأشعار والآثار هذا الذي بين يديك .
7 مجمع الفوائد، وقد اشتمل القسم الأول منه على عدة كتب منها:
* فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب.
* الدليل القاطع المانع للتنازع.
* الماحي للريب في الإيمان بالغيب.
* الثواقب الصائبة لكواذب الناصبة.
* إيضاح الأمر في علم الجفر.
* رفع الملام في رفع الأيدي عند تكبيرة الإحرام.
* الرسالة الصادعة بالدليل.
* فصل الخصام في وجوب الإحرام.
واشتمل القسم الثاني منه إلى كثير من من الفتاوى والتعليقات على مختلف الكتب وفي مختلف المجالات.
ومن تراثه أنه خلف لنا كوكبة من العلماء الأعلام الذين هم رموز وكبار العلماء اليوم، ذكر أسماءهم المولى العلامة الحسن بن محمد الفيشي في ترجمته للمؤلف أيده الله تعالى في آخر كتاب التحف شرح الزلف.
ومازال اليوم قائم على الدرس والتدريس، والإفتاء والتوجيه والتأليف، وحل المشكلات وفض النزاعات، نسأل الله أن يمد في عمره الشريف.
مخ ۱۳
قال السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى في سياق ترجمته للمؤلف أيده الله تعالى:
ولقلة عتادي، وقصر باعي ، وكونه كالشمس رابعة النهار، والقضية المسلمة التي لا يتسرب إليها إنكار، فسأسلك مسلك الإختصار، وكيف لي بالإجادة والإحاطة في صفات قدسية وحيد عصره في القيادة الروحية، وسفير الإسلام لتجديد معرفة نظمه الأساسية، ومنتج الثروة العظمى من علوم العترة النبوية، وحامي سرح الشريعة المطهرة من تيارات المبادئ الإلحادية - إلى قوله - {سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}[الأحزاب:62] ، ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض))،(اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة)) صدق الله وصدق رسوله وصدق وليه، والمؤلف مصداق واقع هذه الأدلة الصادقة في عصرنا، فهو من جمع الله به الفواضل والفضائل، ورأب به الصدع المائل، وثبت به عرى القواعد والدلائل، المجتهد الجهبذ الفطاحل، عالم العالم الوحيد، والناقد الثبت المسدد الرشيد، رباني العترة وحافظها، ونحريرها وحجتها، الإمام المجدد لتراث آل الرسول، والقاموس المحيط بعلمي المعقول والمنقول، مولانا وشيخنا الولي بن الولي بن الولي: أبوالحسنين مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أمتع الله بدوام بقائه الدين والمسلمين، ورفع منزله مع الأنبياء والمرسلين .
مخ ۱۴
... إلى قوله حفظه الله تعالى - فشب المؤلف زاده الله شرفا بين هذه الأسرة الكريمة، وعليه رقابة عين العناية القدسية، وتوجيهات العواطف الروحانية الأبوية، فدرج بين أحضان البيئة العربية، والتربية الهاشمية العلوية، يتلقى المواهب الفطرية السنية، وفتوحات الطموح إلى المعالي والعبقرية، فصفت سريرته ، وخلصت عن كل شائبة سجيته.
... إلى قوله حفظه الله - فنبغ منه مثقف مؤيد ، ومقوم مسدد، مؤهل للمكرمات، مرشح للكمالات.
...إلى قوله حفظه الله: وبعد أن استولى على علمي الدراية والرواية، وسلمته أزمتها أرباب التحقيق والهداية، طار اسمه وشاع ذكره، وعظم خطره، فصار قبلة الأصابع، وممثل الفضيلة الجامع، ورائد المتطلعين إلى ذروة الفوز والفلاح، وطليعة السابقين من دعاة الحكمة والعدالة والإصلاح، تلهج الألسن بمحامده، وينشر الأثير آيات مجده وشواهده، ولذلك خفت إله جموع الطلبة أهل الهمم الساميات، وأحدقت به الآمال من كل المناحي والجهات، فبسط لهم من خلقه رحبا، ومنحهم إقبالا وقربا، وملأ قلوبهم شغفا بالعلم وحبا.
.... إلى قوله حفظه الله تعالى - فسبحان رب يعطي من يشاء ما يشاء، أريحية هاشمية وأخلاق محمدية وتحملات علوية ........إلخ الترجمة ، وهي مزبورة في آخر كتاب التحف شرح الزلف.
مخ ۱۵
وعند اطلاع السيد العلامة الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله تعالى على هذا الكتاب قال ما لفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم
وسلام على عباده الذين اصطفى، أخي المطلع، بين يديك المجموع النفيس الذي نسقه وجمعه مولانا الإمام الحجة شيخ الإسلام أبو الحسنين/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي، - أسعده الله - وفيه ما انتخبه من بعض المخطوطات بلندن أيام قدومه إليها للعلاج، وأقول:
إن وقع هذا المجموع المنتقى فوق واقع أمثاله من تراثه الذي ألفه، وهو الكثير الواسع الذي استقاه ووفق إليه من عين معين خليفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يذهبن عنك موقعه، وما يجب أن تتلقاه به:
ما قلت إلا الذي قد قال خالقنا .... في قوله أو رسول الله حاكيه
مخ ۱۶
إجماعنا حجة الإجماع وهو له .... أقوى دليل على ما الكتب تنبيه فواقع هذا المنتقى من الأدلة الصريحة على أن مولانا هو من العلم وإليه، وذلك لأنه تولى ما تولى منه بلندن في فترة لا يدخل في الحسبان اشتغاله فيها بشيء غير ما دخلها لأجله، فهو إنما نزلها للإسشفاء والعلاج، لا لاكتشاف مكنون ذخيرتها والإنتاج، ولو لا أنه هو ما تصورت وقوع مقدمات الإنتاج، ولا صدقت بمسلمات دخوله متحفها وحصيلة الإفراج، وكيف يجوز أن ينصرف عن المستوصف وعلته حاصلة، ويتحرك بحركات الصحيح من العلل نحو المتحف بالسرعة الفائقة، ولكنها شنشنة أعرفها من أخزم، يفضل شفاء الروح على اندمال الجروح، صحبته فكان لا يفتح عينيه صباحا إلا إلى كتاب، ولا يغمضهما بعد هوي من الليل إلا عن كتاب، وكأن العلم من مقومات حياته، ومن مغذيات مشاعره وطاقاته، ومن ضرورياته لا من محسناته، يحمل نفسه في سبيله أقصى جهودها، ويمنعها إجمامها وروحها وهجودها، معاهد نشره للعلم هنا وهناك مفتوحة، في الحل والترحال، في البكور والآصال، في الليل إذا عسعس والنهار إذا تنفس، تلاميذه يعسر عدهم، ويجهد حصرهم، وهم ببركته يكتسبون النشاط من نشاطه، وترتاض أنفسهم للمواصلة تأسيا به، وانقيادا لإرشاده، وشاهد الحال يغني عن المقال، فها هو الآن قد احقوقف ظهره ، ووهى صوته، وكاد أن يكون رهين فراشه، وقعيد بساطه، تتوافد عليه الطلبة للأخذ عنه صباح مساء، يملي أحدهم؛ فإذا ما غلط أو وهن أو استفهم صحح مولانا الغلط، أو أزال الوهم، أو أفاد المستفهم، بالقرع أو الإشارة أو المنطق الهمسي، وقد مرن نفسه على عدم الإنقباض عن أي طالب في كل مكان وفي كل زمان، ومع كثرة تنقلاته ومصداقية قول القائل حيث يقول:
مخ ۱۷
يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال .... عذيب يوما ويوما بالخليصاء
تتجد له طلبة بنزوله ينزلون، وعلى نوره يتقاطرون، حتى تغص بهم الساحة، ولا يكل ولا يمل.
واسمح لي أن أقول: إن هذه نبذة مما يستحقه فضيلته، لأنه في كل مكرمة إمام، ولكل الفضائل والفواضل زمام، إن جوري سبق، وإن جودل غلب، كم نقد وحقق، وأطلق وقيد، وفحص وأمعن، وأسس فأتقن، وكم أخذ ورد، وأقام وأقعد، فهو سيف الحق، بيد الحق يصول ويجول.
أما ناحيته العلمية فحدث عن البحر ولا حرج، وله اليد العليا عن المناقشة، والقدح المعلى حين المجادلة، إذا جس الخصم نبضه صدمه واعتنق، وصرعه وشنق، وتلا حين ذاك: {قل أعوذ برب الفلق(1)من شر ما خلق(2)}[الفلق]، وما عسى أن أقول في جنب ما له من خصائص نالت كل منال، وضربت بها الأمثال، بلغه الله غاية الآمال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلى الله على سيد المرسلين وآله المطهرين، والحمد لله رب العالمين.
مخ ۱۸
هذا وقد كانت قراءة هذا الكتاب الجليل على سيدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى ونفع بعلومه، بحضور كوكبة شريفة من طلاب العلم كثر الله تعالى سوادهم، فأجاز أيده الله تعالى طباعته والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
إسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية
اليمن - صعدة - ت(511816)ص ب (91064)
مخ ۱۹
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الحمد لله كما يجب لجلاله وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وبعد.
مخ ۲۰
فإنه لما لزم الارتحال إلى لندن لقصد المعالجة بعد أن تطاولت مدة الآثار، وقد ندب الشرع الشريف إلى التداوي في صحيح الأخبار، وكان دخول المستشفى بلندن يوم السبت أول شهر ربيع الأول سنة 1389 ه، ثم كان العود بعد الوصول إلى ألمانيا يوم الأحد 25 جمادى الأخرى، وكان الوصول إلى جدة ليلة الاثنين 26، فقد طالت المدة وأكثرها بلندن لضرورة المعالجة والحمد لله تعالى على نعمه التي لا تحصى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كان الوقوف هنالك على عجائب وغرائب وسأقيد هنا بعض ما كتبته من الفوائد والفرائد ابتداء بما نقلته من المتحف البريطاني المسمى بالإنجليزية (بريتش موزيم) من سيرة إمام اليمن الميمون الهادي إلى الحق المبين إمام الأئمة ومنقذ الأمة أمير المؤمنين أبي الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين وأخي سيد النبيئين علي بن أبي طالب وابن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت خاتم النبيين محمد الأمين عليهم أزكى صلوات رب العالمين وسلامه وبركاته وتحياته، وهذه السيرة بحمد الله موجودة لدينا باليمن وكذا غيرها مما أنقله من اللمع الفريدة والنكت المفيدة ولكني أعجبت بوجودها ووجود مؤلفات أئمة العترة عليهم السلام وسيرهم وآثارهم هنالك فأحببت نقل ما نقلت ليعلم المطلع أن الله تعالى قد نشر آثار هذه الذرية النبوية في جميع الأقطار وأظهر أنوارهم المضيئة فسارت مسير الشموس والأقمار وأن من يحاول طم آثارهم وطمس منارهم يحاول نزح البحار، وإطفاء الأنوار كما قال الله جل جلاله : {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون(32)}[التوبة]، وما أحسن قول من قال:
وفي تعب من يحسد الشمس نورها .... ويجهد أن يأتي لها بضريب
ولله السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير حيث يقول مع تغيير يسير في المصراع الأخير:
إذا افتخرت أميتهم علينا .... بقول جريرها في الامتداح
ألستم خير من ركب المطايا .... وأندى العالمين بطون راح
أجبناهم بما قد قيل فينا .... وفي آبائنا صيد البطاح
أليس لجدكم في اللوح ذكر .... مع اسم الله لا يمحوه ماح
ومن قال الولاية في سواكم .... فليس من الدعاة إلى الصلاح
وقد نقلت في التحف شرح الزلف وغيرها من اعتراف علماء المسلمين من أرباب الحديث والمؤرخين المرجوع إليهم عند الأمة وليسوا من المنتمين إلى طائفة الزيدية وإقرارهم بما خصهم الله تعالى به من العلم والفضل والسيرة الطاهرة والشمائل النبوية والفضائل العلوية ولا سيما إمام الأئمة وهادي هداة الأمة الذي كشف الله تعالى به عن اليمن الغمة وأزاح به ظلمات الظلمة ما يقر أعين الناظرين المحبين، ويجدع أنوف الجاحدين المناصبين والعاقبة للمتقين.
مخ ۲۱