============================================================
الفن الخامس: من كتاب عيون المسائل والجوابات ويقال لهم: أكان يجوز [أن](1) تجري العادة بحدوث العلم في قلوبكم بالحركة، وأنها تبقى أو لا تبقى، وأنها تكون في المكان الأول أو في المكان الثاني إذا اقتحم أبصاركم كما جرت العادة بحدوثه بعد النظر والاستدلال، إذا كان بصر القلب الذي هو الاستدلال بمنزلة تحديق البصر عندكم في أنهما غير موجبين للعلم بالغائب، وغير مدخلين فيه؟
فإن قالوا: نعم؛ قيل لهم: أفكان يجوز أن تجري العادة بحدوث العلم بأنفسكم وأماكنكم بعد نظر القلب وفكره، وأن يكون العلم بالحركة، وبأنها تبقى أو لا تبقى أصلا تبنون عليه العلم بأنفسكم بما تجدونه حسا؟
فإن قالوا: لا. قيل لهم في الأول مثله.
وإن قالوا: نعم؛ فقد جوزوا أن يكون الغائب شاهدا والشاهذ غائبا.
وهذا عكسن العقول وخروج، وهو بين لمن تدبره. وفساده يوجب أنه لا بد من اقرار كل علم في مرتبته، ووضعه في موضعه، فإن أزيل شيء منه عن منهاجه لزم مثل ذلك في سائره؛ لأنه سؤى خروجك من المعقول في بعض ( هذه 191 الأمور، بخروجك منه في جميعها.
ويقال لهم: أيجوز أن يحدث العلم باللون في قلوبكم مع فقد التحديق والتركيب والبنية بحالها مع فقد النظر؟ فإن قالوا: تعم قيل: أفيجوز أن يخلق مع وجود البصر والتحديق والمقابلة واتصال الضياء؟
فإن قالوا: لا؛ قيل لهم: وما الفصل بين حدوثه مع العماء وبين ارتفاعه مع المقابلة والتحديق وسائر ما وصفنا؟ ولئن فسد أحد هذين لا غير معقول أن الآخر بمنزلته، ولئن كان التحديق والمقابلة إذا وقعا مع وجود الضياء وصحة النظر موجبين للعلم باللون أن العمى لمانع من حدوثه.
(1) زيادة يقتضيها السياق.
مخ ۵۶۵