============================================================
مقالات البلخي بالماضي ماضيا؛ لأنها لا تؤدي إلا ما وقعت عليه، وهي لا تقع على الماضي ماضيا فيوجب العلم، وإنما تقع على الموجود المتجلي: ويقال لهم: بأي الحواسن علم (بأن كل)ا جائر مسيء، وأن كل عادل محمود وكل متفضل مشكور؟
فإن قالوا: أنتم تمثلون إدراك العقل بإدراك الحاسة، والحاسة لا تعمل أبدا إلا عملا صحيحاب لأنها مع إعراضها عما أريد معرفته تدرك ما أقبلت عليه ادراكا حقيقيا، وليس يحدث لها جهل عند إعراضها عن شيء بعينه. والعقل إذا أعرض عن جهة النظر اعتقد الجهل الذي لا حقيقة تحته. ولوكان بمنزلة الحاسة لكان عقله أبدا علما وإدراكا، كما أن عقل النظر أبدا إدراك وإن كان قد يدرك ما أدركه غيره، وهذا يدل على مفارقته لها، وعلمه أنه ليس بطريق (127/ للعلم،/ وأنه بمنزلة ما يخطئ مرة ويصيب مرة، ولا يكون عيارا على نفسه ولا على غيره، ولكن يكون العيار عليه غيرا(1) له، يؤمن عليه الزلل والغلط.
قيل لهم: حدثونا عن العلم الذي أنطقكم بهذا التنزيل وهذا الإدخال، وأراكم أنه ملازم لنا، داخل على قولنا، من عمل أي الأشياء هو؟
فإن كان من واحدة من الحواس، فقد يجب أن يجده كل من له تلك الحاسة، وألا يجده مع فقدها في ذهابها عمن قد جعل لها الحواس كلها، ووجوده مع فقدها ما يدل على أنه ليس من عملها.
وإن كان بالعقل والنظر أدرك؛ فليس ينبغي بأن تلزموه خصمكم، ولا أن تكونوا منه على ثقة؛ لأنهما يخطئان مرة ويصيبان مرة كما حكمثم وزعمتم.
(1) في الأصل: غير.
مخ ۵۵۸