============================================================
مقالات البلخي قال: ومقايدل على ذلك أيضا ما حجبلث عليه النفوس من تعظيم العقلاء وتبجيلهم، وتمني مراتبهم، والاعتماد على آدابهم ومشورتهم، والاستخفاف بمن يدل حمقه وزلل عقله ومجانبة رأيه والوغبة عن مشورته. فلولا أن للعقل عملأ في استنباط الرأي الضحيح والمعرفة الثاقبة لم يتجل بالطبائع صاحبة، ولم يفزغ إلى رأيه ويعتمذ على معرفته وصالح فكره.
قال: ومما يدل على ذلك؛ أنه لا بد أن يكون للعقل عمل غير عمل الحواس، أو لا يكون له عمل: فإن لم يكن له عمل؛ فلا فرق بينه وبين الجنون والحمق، وأوجب أن يكون الأحمق بمنزلة العاقل في القدرة على العلوم، وفي جوازها منه؛ لأنه قد حصلت له وليس بعد الحواس شيء ثنال به العلوم، وهذا تجاهل بين.
قال: وممايدل على صحة الفكر أن العلوم لو كانث تدرك كلها بالمفاجأة والبديهة لم يخف منها شيء، ولم تفزع النفس إلى الفكر في شيء منها.
قال: ومما يدل أيضا على وجود حجة العقل حسن الأمر والنهي، واللوم والعدل مع وجوده، وقبح ذلك مع زواله. ولولا أنه آلة نصل بها إلى معرفة المأمور به والمنهي عنه، وإلى ما لؤم على تركه، وعذل على مجانبته؛ لم يكن يحشن ما وصفنا مع وجوده، ويقبخ عند فقده، وهو أيضا كذلك لا يحسن (1/126 البطش إلا مع وجودها/. ويصخ على حال مع عدمها.
قال: وقد سأل ناس من مبطلي النظر وحجج العقول فقالوا: أبنظر أفسدثم النظر أم بالحواس أم بالخبر؟ وبعقل أفسدتم حجة العقل أم بغير عقل؟
فإن قلتم: بالنظر أفسدنا النظر؛ فقد رجعثم إلى صحة النظر.
مخ ۵۵۲