============================================================
الفن الخامس: من كثاب عيون المسائل والجوابات قيل لهم: وما يدريكم لعل اعتقادكم هذا الثاني، وكلامكم هذا الآخر أيضا أخطأتم.
كذلك أيضا يقال لهم: أليس قد علمنا أنكم لا تصيرون إلى جواب ترمون به تصحيح قولكم به إلا كان للخصم أن يقول لكم ما قلناء في هذا، فقد وجب إذا بطلان كل ما تأتون به؛ لإمكان ذلك في جميعه، ولا بد عند ذلك من الؤجوع إلى جوابنا، والمصير إلى أنه لا حقيقة ولا علم.
وذكر بعض أهل الكلام في كتاب جمع فيه حجج أصحابنا على مبطلي النظر: بأن ما يدل على صحة أهل المعقول والنظر أن الضرورة توجب أنه ليس إلا إبطاله أو تثبيته.
والدليل على صحة تثبيته أنا نجد من يبطله تضطرة المحاولة بإبطاله إلى تثبيته، وذلك أنه لا يقدر يدعي على واحدة من الحواسن إبطالة، ولا على الطبيعة والخبر؛ لأن ذلك لو كان كذلك لاستوى ذو الطبائع والحواس وسامعو الأخبار في معرفة فساده. ولا بد له من أن يلجأ إليه فيما يتوهم أنه مبطل له، فهو بمنزلة من قال بلسانه: لست ناطقا، وأنا أخرسن؛ لأنه يصفت نظرا عرف به عقلا - لا حسا- أن النظر والعقل فاسدان.
ولولا أن [فيا) الفكر ردييا وجيدا وفاسدا وصحيحا لم يقدر على ذلك.
كما أنه لولا أن في الكلام صدقا وكذبا وفي أعمال الإنسان صحيحا وباطلا لم يقدر أيي أحد أن يقول بلسانه: لست ناطقا وأنا أخرسن؛ فلما كانت الضرورة ملجئة إلى تصحيحه كان ذلك أدل شيء على فساد قول مبطله، وعلى صحته وثبات خجته.
مخ ۵۵۱