فإن قلت: فما وجه ترتيب الأصول على هذا النمط المسرود؟ قلت الخماسي أخف من السباعي فاقتضى ذلك تقديم (فعولن) والسبب الخفيف بالنسبة إلى الثقيل مقدم عليه لخفته فاقتضى ذلك أن يقدم (مفاعلين) من السباعية على (مفاعلتن)، ثم الوتد المجموع أقوى من المفروق فاقتضى ذلك تقديم (مفاعلتن) على (فاع لا تن) المفروق الوتد.
واعلم أن الناظم ﵀ لفظ بصيغ الأصول الأربعة وقال إنها أصول للفروع الستة، وترك التلفظ بصيغ الفروع اتكالًا على اشتهارها، أو على توقيف المعلم للناظر في كتابه. وأشار إلى أن الأجزاء العشرة محويةٌ في البيتين الأخيرين من هذه الأبيات الثلاثة التي أنشدناها.
فقوله «أصابت» وزنه فعولن أشار به إلى الأصل الخماسي، وبالألف إلى أنه الأول.
وقوله «بسهميها» وزنه «مفاعيلن» أشار به إلى هذا الأصل الموازن له من السباعية، وأشار بالباء إلى ثاني الأجزاء.
وقوله «جوارحنا» وزنه «مفاعلتن» أشار به إلى هذا الجزء السباعي الموازن له وأشار بالجيم إلى أنه الجزء الثالث.
وقوله «داركوني» وزنه «فاع لاتن» ويجب أن يكون هذا مفروق الوتد لأنه بصدد تعداد الأجزاء على الترتيب، وسياقه مقتضٍ لتقديم الأصول، «وفاع لاتن» الأصلي مفروق الوتد كما سبق. وأشار بالدال إلى أنه الجزء الرابع.
وقوله «همة» وزنه «فاعلن»، ومن هنا أخذ في تعداد الفروع وهذا فرع «فعولن» الأصل الأول، وأشار بالهاء إلى أنه خامس الأجزاء.
وقوله «وقعيهما» وزنه «مستفعلن» وهذا فرع عن الأصل الثاني وهو «مفاعيلن»، فيجب أن يكون مجموع الوتد كأصله، والواو إشارة إلى أنه سادس الأجزاء.
وقوله «زائراتي» وزنه «فاعلاتن»، وهو الفرع الثاني المفرع عن «مفاعيلن»، فيلزم أن يكون وتده مجموعا مثل أصله كما سبق، والزاي إشارة إلى أنه الجزء السابع.
وقوله «حجبتهما» وزنه «متفاعلن» وهو فرع الأصل الثالث الذي هو مفاعلتن»، وأشار بالحاء إلى أنه الجزء الثامن.
وقوله «طولاهن» وزنه «مفعولات»، وهو الفرع الأول من فرعي الأصل الرابع «فاع لاتن» المفروق الوتد، والطاء إشارة إلى أنه الجزء التاسع.
وقوله «يعتادها» وزنه «مستفع لن»، وهذا هو ثاني فرعي «فاع لاتن» المفروق الوتد، فيلزم أن يكون هذا، أعني «مستفع لن» المذكور، مفروق الوتد كأصله، والياء إشارة إلى أنه الجزء العاشر.
فإن قلت: حذف الناظم التاء من الست والعشر مع أن المعدود مذكر وهو الأجزاء، قلت إما أن يكون أنث العدد بتأويل الكلمات، أو رأى المعدود محذوفًا فأنث العدد بناء على جوازه عند حذف المميز المذكر. حكى الكسائي عن أبي الجراح صمنا من الشهر خمسًا. وحكى الفراء أفطرنا خمسًا، وصمنا خمسًا، وصمنا عشرًا من رمضان. وتضافرت الروايات على حذف التاء من قوله ﷺ (ثم أتبعه بست من شوال) .
وبهذا يطهر ضعف قولهم: ما حكاه الكسائي لا يصح من فصيح ولا يلتفت إليه، فلعل الناظم اعتمد على هذا النقل، وإن كان المشهور عندهم خلافه.
فإن قلت: ما هو فاعل (حوى)؟ قلت جوز فيه الشريف وجهين: أن يكون ضميرًا مستترًا يعود على التركيب، يريد أن التركيب الذي تصير الأمتاد والأسباب يحتوي على عشرة أجزاء، ولا يخفى بعده. قال: (والظاهر أن فاعل (حوى) إنما هو البيتان اللذان بعده)، يريد أن العشر هي ما حواه هذان البيتان من الأمثلة المرموزة فيهما، وهما قوله (أصابت بسهميهما) والبيت بعده. انتهى.
فإن قلت: يلزم عليه وقوع الجملة فاعلًا وهو باطل عندهم على المختار، قلت الجملة التي يرا بها لفظها تتنزل منزلة الأسماء المفردة، وهنا كذلك.
1 / 7