عیون الاثر په هنري مغازي، شمائل او سير کې
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٤/١٩٩٣.
د خپرونکي ځای
بيروت
أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ: تِلْكَ الْغَرَانِيقُ العلى وإن شفاعتهن لترجى، فتلكم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِهِمَا، ثُمَّ مَضَى فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا، فَسَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ جَمِيعًا، وَرَفَعَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تُرَابًا إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخَذَ تُرَابًا فَسَجَدَ عليه، ويقال:
كلاهما فعل ذلك، فَرَضَوْا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَلَكِنَّ آلِهَتَنَا هذه تشفع لنا عنده، فأما إذا جَعَلْتَ لَهَا نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَكَ،
فَكَبُرَ ذَلِكَ علي رسول الله ﷺ مِنْ قَوْلِهِمْ، حَتَّى جَلَسَ فِي الْبَيْتِ، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَا جِئْتُكَ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «قُلْتُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ» فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا إِلَى قَوْلِهِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيرًا [١]
قَالُوا: فَفَشَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ فِي النَّاسِ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: عَشَائِرُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا، فَخَرَجُوا رَاجِعِينَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا دُونَ مَكَةَ بِسَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ لَقَوْا رُكْبَانًا مِنْ كِنَانَةَ، فَسَأَلُوهُمْ عَنْ قُرْيَشٍ، فَقَالَ الرَّكْبُ: ذَكَرَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، فَتَابَعَهُ الْمَلأُ، ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْهَا فَعَادَ لِشَتْمِ آلِهَتِهِمْ وَعَادُوا لَهُ بِالشَّرِّ، فتركناهم على ذلك، فائتمر الْقَوْمُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ثُمَّ قَالُوا: قَدْ بَلَغْنَا مَكَّةَ، فَنَدْخُلُ فَنَنْظُرُ مَا فِيهِ قُرَيْشٌ وَيُحْدِثُ عَهْدًا مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَدَخَلُوا مَكَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ منهم إِلَّا بِجِوَارٍ، إِلَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَإِنَّهُ مَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانُوا خَرَجُوا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ، فَأَقَامُوا شَعْبَانَ وَشَهْرَ رَمَضَانَ، وَكَانَتِ السَّجْدَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَدِمُوا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ يَعْنِي خَبَرَ هذه السجدة: موسى بن عقبة، وابن إسحق مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْبَكَّائِيِّ، وَأَهْلُ الأُصُولِ يَدْفَعُونَ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْحُجَّةِ، وَمَنْ صَحَّحَهُ قَالَ فِيهِ أَقْوَالا:
مِنْهَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ ذَلِكَ وَأَشَاعَهُ، وَالرَّسُولُ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ، وَهَذَا جَيِّدٌ، لَوْلا أَنَّ فِي حَدِيثِهِمْ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ: مَا أَتَيْتُكَ بِهَذَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وعنى بها الملائكة أن شفاعتهم ترتجى.
[(١)] سورة الأسراء: الآية ٧٣ ثم الآية ٧٥.
1 / 140