عیون الاثر په هنري مغازي، شمائل او سير کې
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٤/١٩٩٣.
د خپرونکي ځای
بيروت
عَلَيْهِ، يُظْهِرُ دِينَ اللَّهِ وَيَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ شَرَى الأَمْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ [١] حَتَّى تَبَاعَدَ الرِّجَالُ وَتَضَاغَنُوا، وَأَكْثَرَتْ قُرَيْشٌ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهَا، فَتَذَامَرُوا عَلَيْهِ، وَحَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهْمُ مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّ لَكَ سِنًّا وَشَرَفًا وَمَنْزِلَةً فِينَا، وَإِنَّا قَدِ اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهَهُ عَنَّا، وَإِنَّا وَاللَّهِ لا نَصْبِرُ عَلَى هَذَا مِنْ شَتْمِ آبَائِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا وَعَيْبِ آلِهَتِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ عَنَّا أَوْ نُنَازِلَهُ وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَمْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، أَوْ كَمَا قَالَ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أبي طالب قَوْمِهِ وَعَدَاوَتُهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا بِإِسْلامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلا خَذْلانِهِ.
وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال له: يا ابن أَخِي إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُونِي فَقَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، لِلَّذِي قَالُوا لَهُ، فَابْقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلا تَحْمِلْنِي مِنَ الأَمْرِ مَا لا أُطِيقُ، فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنه قد بدا لعمه في بَدَاءٌ، وَأَنَّهُ خَاذِلُهُ وَمُسَلِّمُهُ، وَأَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ عَنْ نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: «يَا عَمِّ: وَاللَّهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي، عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأمر حتى يظهر اللَّهُ وَأَهْلِكُ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ»، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَبَكَى، ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا وَلَّى نَادَاهُ أَبُو طَالِبٍ فقال: أقبل يا ابن أخي، فأقبل عليه فقال: اذهب يا ابن أَخِي فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ، فَوَاللَّهِ لا أُسَلِّمُكَ لشيء أبدا،
ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا حِينَ عَرَفُوا أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ أَبَى خِذْلانَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِسْلامِهِ وَإِجْمَاعِهِ لِفِرَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ وَعَدَاوَتِهِمْ، مَشَوْا إِلَيْهِ بِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا طَالِبٍ: هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنْهَدُ فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ فَلَكَ عَقْلُهُ وَنَصْرُهُ، وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا، وَأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ هَذَا الَّذِي خَالَفَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ، وَفَرَّقَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ وَسَفَّهَ أَحْلامَهُمْ فَنَقْتُلَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ كَرَجُلٍ، قَالَ: وَاللَّهِ لَبِئْسَ مَا تَسُومُونَنِي، أَتَعْطُونِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ؟ هَذَا وَاللَّهِ مَا لا يَكُونُ أَبَدًا، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ: وَاللَّهِ يَا أَبَا طَالِبٍ لَقَدْ أَنْصَفَكَ قَوْمُكَ، وَجَهَدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُهُ، فَمَا أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ وَاللَّهِ مَا أَنْصَفُونِي، وَلَكِنَّكَ قَدْ أَجْمَعْتَ خِذلانِي، وَمُظَاهَرَةَ الْقَوْمِ عَلَيَّ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَحُقِبَ [٢] الأَمْرُ، وَتَنَابَذَ الْقَوْمُ وبادى بعضهم بعضا،
[(١)] أي استفحل وتفاقم. [(٢)] أي اشتد الأمر.
1 / 118