Cutting Ties to Reflect on the Servitude of the Creatures
قطع العلائق للتفكر في عبودية الخلائق
خپرندوی
مركز تأصيل علوم التنزيل للبحوث العلمية والدراسات القرآنية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٣ هـ
د خپرونکي ځای
القاهرة - مصر
ژانرونه
ولقد رأى النبيُ ﷺ جبريلَ على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها مرتين، أما الرؤية الأولى: فقد وقعت في الأرض في بداية نزول الوحي، وتتابع الوحي بعدها فنزلت بعدها سورة المدثر.
ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله ﵄ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ - أي انقطاع - الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: (فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - إلى - والرجز فَاهْجُر) (^١).
وهذه الرؤية هي التي ذكرها الله ﷾ بقوله: (وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير: ٢٣)
قال ابن كثير ﵀-:
"يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريلَ الذي يأتيه بالرسالة عن الله ﷿ على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، (بِالأفُقِ الْمُبِينِ) أي: البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء (موضع بمكة)، وهي المذكورة في قوله: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إَلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) (النجم: ٥ - ١٠)، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره، والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل ﵇. والظاهر-والله أعلم -أن هذه السورة - يعني سورة التكوير -نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية، وهي الأولى.
وأما الثانية: وهي المذكورة في قوله: (وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) (النجم: ١٣ - ١٦)، فتلك إنما ذكرت في سورة " النجم "، وقد نزلت بعد سورة الإسراء " انتهى. (^٢)
قال ابن مسعود ﵁ في تفسير هذه الآية: "رأى جبريلَ له ستمائة جناح". (^٣)
وهذا ما قرره العلماء.
(^١) - رواه البخاري: (٤٦٤١) ومسلم: (١٦١٦). (^٢) -تفسر ابن كثير: (٨/ ٣٣٩). (^٣) رواه البخاري: (٣٢٣٢)، ومسلم: (١٧٤).
1 / 56